مدونة لتزكية القلوب ،ودحر الشبهات عن التصوف الحق،الذي هو تحقيق مقام الإحسان ثالث أصول الإسلام.

الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

الحلول والاتحاد من الكذب على الصوفية (بالنقول)

الحلول والاتحاد:
إِن من أهم ما يتحامل به المغرضون على السادة الصوفية اتهامهم جهلاً وزوراً بأنهم يقولون بالحلول والاتحاد، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى قد حلَّ في جميع أجزاء الكون؛ في البحار والجبال والصخور والأشجار والإِنسان والحيوان.. إِلخ، أو بمعنى أن المخلوق عين الخالق، فكل الموجودات المحسوسة والمشاهدة في هذا الكون هي ذات الله تعالى وعينه. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
ولاشك أن هذا القول كفر صريح يخالف عقائد الأمة. وما كان للصوفية وهم المتحققون بالإِسلام والإِيمان والإِحسان أن ينزلقوا إِلى هذا الدرك من الضلال والكفر، وما ينبغي لمؤمن منصف أن يرميهم بهذا الكفر جزافاً دون تمحيص أو تثبت، ومن غير أن يفهم مرادهم، ويطلع على عقائدهم الحقة التي ذكروها صريحة واضحة في أُمهات كتبهم، كالفتوحات المكية، وإِحياء علوم الدين، والرسالة القشيرية وغيرها..
ولعل بعض المغرضين المتحاملين على الصوفية يقولون: إِن هذا القول بتبرئة السادة الصوفية من فكرة الحلول والاتحاد، إِنما هو تهرب من الواقع أو دفاع مغرض عن الصوفية بدافع التعصب والهوى، فهلاَّ تأتون بدليل من كلامهم يبرىء ساحتهم من هذه التهم؟!.
فلبيان الحقيقة الناصعة نورد نبذاً من كلام السادة الصوفية تثبت براءتَهم مما اتُّهموا به من القول بالحلول والاتحاد، وتحذيرَهم الناسَ من الوقوع في هذه العقيدة الزائغة، وتُظهِر بوضوح أن ما نسب إِليهم من أقوال تفيد الحلول أو الاتحاد إِما مدسوسة عليهم، أو مؤولة بما يلائم هذه النصوص الصريحة التالية الموافقة لعقيدة أهل السنة والجماعة.
يقول الإمام الشعراني رحمه الله تعالى: (ولعمري إِذا كان عُبَّاد الأوثان لم يتجرؤوا على أن يجعلوا آلهتهم عين الله؛ بل قالوا: ما نعبدهم إِلا ليقربونا إِلى الله زلفى، فكيف يُظَن بأولياء الله تعالى أنهم يدَّعون الاتحاد بالحق على حدٌّ ما تتعقله العقول الضعيفة؟! هذا كالمحال في حقهم رضي الله تعالى عنهم، إِذ ما مِن وليٌّ إِلا وهو يعلم أن حقيقته تعالى مخالفة لسائر الحقائق، وأنها خارجة عن جميع معلومات الخلائق، لأن الله بكل شيء محيط) [اليواقيت والجواهر ج1 ص83].
والحلول والاتحاد لا يكون إِلا بالأجناس، والله تعالى ليس بجنس حتى يحلَّ بالأجناس، وكيف يحل القديم في الحادث، والخالق في المخلوق!؟ إِن كان حلولَ عَرَض في جوهر فالله تعالى ليس عرضاً، وإِن كان حلولَ جوهر في جوهر فليس الله تعالى جوهراً، وبما أن الحلول والاتحاد بين المخلوقات محال؛ إِذ لا يمكن أن يصير رجلان رجلاً واحداً لتباينهما في الذات؛ فالتباين بين الخالق والمخلوق، وبين الصانع والصنعة، وبين الواجب الوجود والممكن الحادث أعظم وأولى لتباين الحقيقتين.
وما زال العلماء، ومحققو الصوفية يبينون بطلان القول بالحلول والاتحاد، وينبهون على فساده، ويحذرون من ضلاله. قال الشيخ محي الدين بن عربي رحمه الله تعالى في عقيدته الصغرى: (تعالى الحق أن تحله الحوادث أو يحلها)[الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81].
وقال في عقيدته الوسطى: (اعلم أن الله تعالى واحد بالإِجماع، ومقام الواحد يتعالى أن يحل فيه شيء، أو يحل هو في شيء، أو يتحد في شيء) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81].
وقال في باب الأسرار: (لا يجوز لعارف أن يقول: أنا الله ، ولو بلغ أقصى درجات القرب، وحاشا العارف من هذا القول حاشاه، إِنما يقول: أنا العبد الذليل في المسير والمقيل) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81].
وقال في الباب التاسع والستين ومائة: (القديم لا يكون قط محلاً للحوادث، ولا يكون حالاً في المحدَث) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81].
وقال الإمام ابن عربي في باب الأسرار: (من قال بالحلول فهو معلول، فإِن القول بالحلول مرض لا يزول، وما قال بالاتحاد إِلا أهل الإِلحاد، كما أن القائل بالحلول من أهل الجهل والفضول) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81].
وقال في باب الأسرار أيضاً: (الحادث لا يخلو عن الحوادث، ولو حل بالحادثِ القديمُ لصح قول أهل التجسيم، فالقديم لا يحل ولا يكون محلاً) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81].
وقال في الباب التاسع والخمسين وخمسمائة بعد كلام طويل: (وهذا يدلك على أن العالم ما هو عين الحق، ولا حل فيه الحق، إِذ لو كان عينَ الحق، أو حلَّ فيه لما كان تعالى قديماً ولا بديعاً) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81].
وقال في الباب الرابع عشر وثلاثمائة: (لو صحَّ أن يرقى الإِنسان عن إِنسانيته، والمَلكُ عن ملكيته، ويتحد بخالقه تعالى، لصحَّ انقلاب الحقائق، وخرج الإِله عن كونه إِلهاً، وصار الحق خلقاً، والخلق حقاً، وما وثق أحد بعلم، وصار المحال واجباً، فلا سبيل إِلى قلب الحقائق أبداً) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81].
وكذلك جاء في شعره ما ينفي الحلول والاتحاد كقوله:
ودعْ مقالةَ قوم قال عالمُهم بأنَّه بالإِله الواحد اتحَدا
الاتحادُ مُحُالٌ لا يقول به إِلا جهولٌ به عن عقلهِ شَرَدَا
وعن حقيقتِه وعن شريعتِه فاعبدْ إِلهَك لا تشركْ به أَحَدا

وقال أيضاً في الباب الثاني والتسعين ومائتين: (من أعظم دليل على نفي الحلول والاتحاد الذي يتوهمه بعضهم، أن تعلم عقلاً أن القمر ليس فيه من نور الشمس شيء، وأن الشمس ما انتقلت إِليه بذاتها، وإِنما كان القمر محلاً لها، فكذلك العبد ليس فيه من خالقه شيء ولا حل فيه) [الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81].
قال صاحب كتاب نهج الرشاد في الرد على أهل الوحدة والحلول والاتحاد: (حدثني الشيخ كمال الدين المراغي قال: اجتمعتُ، بالشيخ أبي العباس المرسي - تلميذ الشيخ الكبير أبي الحسن الشاذلي - وفاوضْته في هؤلاء الاتحادية، فوجدته شديد الإِنكار عليهم، والنهي عن طريقهم، وقال: أتكون الصنعة هي عين الصانع؟!) [الحاوي للفتاوي في الفقه وعلوم التفسير للعلامة جلال الدين السيوطي ج2. ص134].
وأما ما ورد من كلام السادة الصوفية في كتبهم مما يفيد ظاهره الحلول والاتحاد، فهو إِما مدسوس عليهم، بدليل ما سبق من صريح كلامهم في نفي هذه العقيدة الضالة. وإِما أنهم لم يقصدوا به القول بهذه الفكرة الخبيثة والنحلة الدخيلة، ولكن المغرضين حملوا المتشابه من كلامهم على هذا الفهم الخاطىء، ورموهم بالزندقة والكفر.
أما الراسخون في العلم والمدققون المنصفون من العلماء فقد فهموا كلامهم على معناه الصحيح الموافق لعقيدة أهل السنة والجماعة، وأدركوا تأويله بما يناسب ما عرف عن الصوفية من إِيمان وتقوى.
قال العلامة جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه الحاوي للفتاوي: (واعلم أنه وقع في عبارة بعض المحققين لفظ الاتحاد، إِشارة منهم إِلى حقيقة التوحيد، فإِن الاتحاد عندهم هو المبالغة في التوحيد. والتوحيد معرفة الواحد والأحد، فاشتبه ذلك على من لا يفهم إِشاراتهِم، فحملوه على غير محمله؛ فغلطوا وهلكوا بذلك.. إِلى أن قال: فإِذن أصل الاتحاد باطل محال، مردود شرعاً وعقلاً وعرفاً بإِجماع الأنبياء ومشايخ الصوفية وسائر العلماء والمسلمين، وليس هذا مذهب الصوفية، وإِنما قاله طائفة غلاة لقلة علمهم وسوء حظهم من الله تعالى، فشابهوا بهذا القولِ النصارى الذين قالوا في عيسى عليه السلام: اتَّحَد ناسوتُهُ بلاهوتِهِ. وأما مَنْ حفظه الله تعالى بالعناية، فإِنهم لم يعتقدوا اتحاداً ولا حلولاً، وإِن وقع منهم لفظ الاتحاد فإِنما يريدون به محو أنفسهم، وإِثبات الحق سبحانه.
قال: وقد يُذْكَر الاتحاد بمعنى فناء المخالفات ، وبقاء الموافقات، وفناء حظوظ النفس من الدنيا، وبقاء الرغبة في الآخرة، وفناء الأوصاف الذميمة، وبقاء الأوصاف الحميدة، وفناء الشك، وبقاء اليقين، وفناء الغفلة وبقاء الذكر.
قال: وأما قول أبي يزيد البسطامي رحمه الله تعالى: [سبحاني، ما أعظم شأني] فهو في معرض الحكاية عن الله، وكذلك قول من قال: [أنا الحق] محمول على الحكاية، ولا يُظَنُّ بهؤلاء العارفين الحلول والاتحاد،لأن ذلك غير مظنون بعاقل، فضلاً عن المتميزين بخصوص المكاشفات واليقين والمشاهدات. ولا يُظَنُّ بالعقلاء المتميزين على أهل زمانهم بالعلم الراجح والعمل الصالح والمجاهدة وحفظ حدود الشرع الغلطُ بالحلول والاتحاد، كما غلط النصارى في ظنهم ذلك في حق عيسى عليه السلام. وإِنما حدث ذلك في الإِسلام من واقعاتِ جهلةِ المتصوفة، وأما العلماء العارفون المحققون فحاشاهم من ذلك.. إِلى أن قال:
والحاصل أن لفظ الاتحاد مشترك، فيطلق على المعنى المذموم الذي هو أخو الحلول، وهو كفر. ويطلق على مقام الفناء اصطلاحاً اصطلح عليه الصوفية، ولا مشاحة في الاصطلاح، إِذ لا يمنع أحد من استعمال لفظ في معنى صحيح، لا محذور فيه شرعاً، ولو كان ذلك ممنوعاً لم يجز لأحد أن يتفوه بلفظ الاتحاد، وأنت تقول: بيني وبين صاحبي زيد اتحاد.
وكم استعمل المحدِّثون والفقهاء والنحاة وغيرهم لفظ الاتحاد في معان حديثية وفقهية ونحوية.
كقول المحدِّثين: اتحد مخرج الحديث.
وقول الفقهاء: اتحد نوع الماشية.
وقول النحاة: اتحد العامل لفظاً أو معنى.
وحيث وقع لفظ الاتحاد من محققي الصوفية، فإِنما يريدون به معنى الفناء الذي هو محو النفس، وإِثبات الأمر كله لله سبحانه، لا ذلك المعنى المذموم الذي يقشعر له الجلد. وقد أشار إِلى ذلك سيدي علي بن وفا، فقال من قصيدة له:
يظنُّوا بي حلولاً واتحاداً وقلبي مِنْ سوى التوحيد خالي
فتبرأ من الاتحاد بمعنى الحلول، وقال في أبيات أُخَرَ:
وعلمُك أنَّ كلَّ الأمرِ أمْري هو المعنى المسمى باتحاد
فذكر أن المعنى الذي يريدونه بالاتحاد إِذا أطلقوه، هو تسليم الأمر كله لله، وترك الإِرادة معه والاختيار، والجريُ على مواقع أقداره من غير اعتراض، وترك نسبة شيءٍ ما إِلى غيره) [الحاوي للفتاوي في الفقه وعلوم التفسير والحديث والأصول والنحو والإِعراب وسائر الفنون للعلامة جلال الدين السيوطي صاحب التآليف الكثيرة المتوفى سنة 911هـ. ج2. ص134].انتهى من كتاب حقائق عن التصوف للإمام عبدالقادر عيسى رحمه الله تعالى

الجمعة، 23 أكتوبر 2009

الفرق بين سجود العبادة وسجود التحية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة السلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه:
السجود على قسمين:
القسم الأول:سجود بقصد العبادة :فهذا لا يجوز إلا لله تعالى وحده لا شريك له فمن سجد لغير الله تعالى بقصد عبادته فقد أشرك الشرك الأكبر المخرج من الملة بإجماع المسلمين.
القسم الثاني :وهو سجود المخلوق للمخلوق بقصد التحية والتوقير لا بقصد العبادة .فهذا كان جائزاً في شرع من قبلنا وحرم في شرعنا وهو كبيرة من كبائر الذنوب .وقد كان سجود المخلوق للمخلوق من الجائز في الشرائع السابقةكسجود الملائكة لآدام عليه السلام ،وسجودسيدنا يعقوب وزوجته وأولاده لسيدنا يوسف عليهم السلام .ثم حرم في الشريعة الإسلامية ولهذا التحريم مناسبة كما جاءت في الحديث الصحيح أن سيدنا معاذ بن جبل وهو من علماء الصحابة الكبار كان في بلاد الشام فرأى الناس يسجدون للقادة احتراماً لهم فلما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما هذا يا معاذ؟ قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تفعلوا. رواه ابن ماجه وهذا يدل على أن السجود بغير نية العبادة لا يكون كفراً بمجرده.
وإليكم بعض النقول في المسألة أنقلها للفائدة وليعلم الإنسان تهور الوهابية في تكفيرهم للمسلمين :
أبدأ بالنقل عن الشيخ ابن تيمية الذي يقلدونه في الغلو ولا يقلدونه في الحق إلا قليلاً:قال الشيخ تقي الدين بن تيمية في مجموع الفتاوى في المجلد الرابع ص 360 ما نصه :..أما الخضوع والقنوت بالقلوب والاعتراف بالربوبية والعبودية، فهذا لا يكون على الإطلاق إلا لله سبحانه وتعالى وحده، وهو في غيره ممتنع باطل.
وأما السجود فشريعة من الشرائع؛ إذ أمرنا الله تعالى أن نسجد له، ولو أمرنا أن نسجد لأحد من خلقه غيره لسجدنا لذلك الغير طاعة لله عز وجل إذ أحب أن نعظم من سجدنا له، ولو لم يفرض علينا السجود لم يجب البتة فعله، فسجود الملائكة لآدم عبادة لله وطاعة له، وقربة يتقربون بها إليه، وهو لآدم تشريف وتكريم وتعظيم. وسجود أخوة يوسف له تحية وسلام، ألا ترى أن يوسف لو سجد لأبويه تحية لم يكره له.انتهى وكلامه يفيد في تقسيم السجود إلى نوعين كما سبق بيانه .
وقال الإمام الذهبي في كتابه معجم الشيوخ (1/73) : ألا ترى الصحابة من فرط حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم قالوا: ألا نسجد لك؟ فقال: لا، فلو أذن لهم لسجدوا سجود إجلال وتوقير لا سجود عبادة كما سجد إخوة يوسف عليه السلام ليوسف، وكذلك القول في سجود المسلم لقبر النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعظيم والتبجيل لا يكفر به أصلا بل يكون عاصيا. فليعرف أن هذا منهي عنه وكذلك الصلاة إلى القبر. انتهـى.
وقال الشوكاني في السيل الجراروهو من المشائخ المعتبرين عندهم فيما يشتهون : اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار… فلا اعتبار بما يقع من طوارق عقائد الشر لا سيما مع الجهل بمخالفتها لطريقة الإسلام، ولا اعتبار بصدور فعل كفري لم يرد به فاعله الخروج عن الإسلام إلى ملة الكفر. وأما قوله (ومنها السجود لغير الله) فلا بد من تقييده بأن يكون سجوده هذا قاصداً لربوبية من سجد له، فإنه بهذا السجود قد أشرك بالله عز وجل وأثبت معه إلهاً آخر، وأما إذا لم يقصد إلا مجرد التعظيم كما يقع كثيراً لمن دخل على ملوك الأعاجم أنه يقبل الأرض تعظيماً له، فليس هذا من الكفر في شيء، وقد علم كل من كان من الأعلام أن التكفير بالإلزام من أعظم مزالق الأقدام فمن أراد المخاطرة بدينه فعلى نفسه جنى. انتهى كلام الشوكاني .
وقال الإمام الزيلعي في تبين الحقائق: وما يفعلون من تقبيل الأرض بين يدي العلماء فحرام، والفاعل والراضي به آثمان لأنه يشبه عباده الوثن، وذكر الصدر الشهيد أنه لا يكفر بهذا السجود لأنه يريد به التحية. انتهى.
وجاء باب حكم المرتد من مطالب أولي النهى للإمام مصطفى الرحيباني الحنبلي : أو سجد لصنم أو كوكب. كشمس أو قمر كفر، لأنه أشرك به سبحانه وتعالى (ويتجه السجود للحكام والموتى بقصد العبادة كفر) قولاً واحداً باتفاق المسلمين (والتحية) لمخلوق بالسجود له (كبيرة) من الكبائر العظام والسجود لمخلوق حي أو ميت (مع الإطلاق) العاري عن كونه لخالق أو مخلوق (أكبر) إثماً وأعظم جرماً، إذ السجود لا يكون إلا لله وهو اتجاه حسن. انتهى.
وقال الإمام البجيرمي الشافعي في تحفة الحبيب: مجرد السجود بين يدي المشايخ لا يقتضي تعظيم الشيخ كتعظيم الله عز وجل بحيث يكون معبوداً، والكفر إنما يكون إذا قصد ذلك. انتهى.
وقال الإمام النووي في المجموع وفي الروضة: ما يفعله كثير من الجهلة من السجود بين يدي المشايخ حرام قطعاً بكل حال سواء كان إلى القبلة أو غيرها، وسواء قصد السجود لله تعالى أو غفل، وفي بعض صوره ما يقتضي الكفر أو يقاربه. انتهى.وعلق الإمام الشرواني على ذلك فقال: قال الشارح في الأعلام بعد نقله ما في الروضة: هذا يفهم أنه قد يكون كفراً بأن قصد به عبادة مخلوق أو التقرب إليه، وقد يكون حراماً بأن قصد به تعظيمة أي التذلل له أو أطلق، وكذا يقال في الوالد والعلماء. انتهى.فما يفعله بعض العوام عند بالسجود لها محرم وكبيرة من الكبائر وليس من الشرك لأنه ليس بقصد عبادتهم كما هو معلوم قطعاً من إيمانهم بأنه (لا إله إلا الله ).
حال من يسجدون للنبي أو الأولياء في زماننا :
أحياناً ترى بعض العوام يسجد إذا رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو قبر أحد الأولياء رحمهم الله تعالى ،ويحمل سجودهم على أحد محملين:
المحمل الأول:أنه سجود شكر لله تعالى أن يسر له زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو قبر بعض الأولياء .وهذا هو الغالب من حالهم.
المحمل الثاني:أنه يسجد توقيراً وتحية لهذا النبي صلى الله عليه وسلم أو للولي .وهذا محرم في الشريعة الإسلامية فيجب تعليمه ذلك .واما فعله فليس بكفر بلا شك لأنه لا يريد بهذا السجود عبادة من في القبر ولا يريد به إلا التقرب إلى الله تعالى ،ولجهله لا يعلم أن هذا قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فيجب نصيحته وتعليمه بالرفق واما اتهامه بالوقوع في الشرك فهذا غلط بلا شك لأنه معلوم من حاله أنه لا يؤمن برب إلا الله ولا يجوز عبادة غيره فهذا هو الأصل ولذا فنحمل فعله على أحد المحملين السابقين فقط لأن هذا هو الحق والله تعالى الموفق لا رب سواه .

حكم الطواف بالقبور في مذاهب أهل السنة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:فإن الطواف عبادة من العبادات التي شرعها الله لعباده حول الكعبة المشرفة،حيث قال الله تعالى ﴿وليطوفوا بالبيت العتيق﴾ والمسلم حين يطوف بالكعبة فلا يعني أنه يعبد الكعبة كما يقول بعض العلمانيين الملحدين ، وإنما يعبد الله بالطواف الذي أمره الله به حول الكعبة ،وهذا الطواف ليس له علة قياسية بل علته تعبدية أي أن الله أمر بالطواف حولها فأطعناه وليس هناك علة لهذا الطواف إلا محض الطاعة لله تعالى فلا يوجد علة منصوص عليها ولا يوجد علة يمكن استنباطها ،ولذا فلا يصح القياس عليها.
فالطواف حول غير الكعبة غير مشروع ولذا اختلف العلماء في حكم الطواف بالقبر على قولين مشهورين في المذاهب السنية :
القول الأول :كراهة الطواف بها وهو وجه في مذهب الحنابلة قررها الإمام مرعي الكرمي في دليل الطالب والإمام الحجاوي صاحب كتاب الإقناع . قال الإمام مرعي الكرمي الحنبلي في دليل الطالب: (ويكره: تزويقه وتجصيصه وتبخيره وتقبيله والطواف به). وقال الإمام الحجاوي في الإقناع: (وَيُكْرَهُ الْمَبِيتُ عِنْدَهُ وَتَجْصِيصُهُ وَتَزْوِيقُهُ، وَتَخْلِيقُهُ وَتَقْبِيلُهُ وَالطَّوَافُ بِهِ وَتَبْخِيرُهُ وَكِتَابَةُ الرِّقَاعِ إلَيْهِ، وَدَسِّهَا فِي الْأَنْقَابِ وَالِاسْتِشْفَاءُ بِالتُّرْبَةِ مِنْ الْأَسْقَامِ . انتهىفهو مكروه على هذا القول.
القول الثاني :أن ذلك محرم لا يجوز وهو مذهب جمهور العلماء من الشافعية والمالكية والحنفية ووجه للحنابلة. فالطواف حول القبور بدعة عملية محرمة.جاء في حاشية قليوبي وعميرة في المذهب الشافعي آخر كتاب الحج ما نصه:وليحذر من الطواف بالقبر والصلاة داخل الحجرة بقصد تعظيمه أو استقباله بالصلاة .انتهىوقال الإمام الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى في كتاب الجنائز : ((وَكَذَا) يَحْرُمُ (طَوَافٌ بِهَا) ، أَيْ : الْقُبُورِ ، (خِلَافًا لَهُ)، ـ أي ـ لِصَاحِبِ ” الْإِقْنَاعِ ” (هُنَا) حَيْثُ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ صَرَّحَ بِالْحُرْمَةِ). انتهى
والواقع أن أكثر الناس لا يطوفون بالقبور وهذا لا يعني عدم وجود ذلك بل هو موجود بلا شك ولكنه قليل .يقول بعض الكتاب في إحدى المنتديات العلمية الصوفية : نحن نقف على القبور و نسلم على أصحابها ونلتمس البركة فى من نظن كذلك وكيف يعبد صاحب القبر مادام هو مقبور والله لانعلم العبادة إلا للخالق جل فى علاه والله لقد وقفت على أكثر من 99 مشهد وضريح للصالحين ماوجدت أحداً يركع لهم أو يسجد لهم ، صحيح عدم الشيء لا ينفى وجوده و لكن هذا الغالب الأعم والله أعلم . انتهى كلامه .
ولا شك أن هناك من الناس من يطوف بالقبر لله تعالى فما هو غرضهم من ذلك؟
وجهة نظر بعض الناس من الطواف حول قبور الأنبياء والأولياء:
قال بعضهم :إن الطواف حول القبور لا شيء فيه،وذلك بالقياس على الطواف حول الكعبة ،فإن المعبود واحد وهو الله جل جلاله وحده لا شريك له وكذلك بالطواف لله حول الضريح عبادة، ثم إن الطواف حول الكعبة ما هو إلا لنيل البركة الموجودة في الكعبة كما قال تعالى ﴿إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مبارك﴾ الآية. فكان الطواف حول الكعبة للحصول على البركة ولتوجيه الله تعالى عباده إلى جهة أو إلى أي مكان ليعلم منها امتثال أمر المعبود بحق كما قال تعالى ﴿وليطوفوا بالبيت العتيق﴾ وحيث كان كذلك فحرمة العبد المؤمن الصالح أحسن وأفضل، كما جاء في الحديث (أشهد أن حرمتك عند الله عظيمة، ولكن حرمة المسلم عند الله أعظم منك) فلما كان الأنبياء والأولياء أعظم من الكعبة جاز الطواف حولها تقرباً إلى الله تعالى .!انتهى ذكر رأيهم.


ولا شك أن البيت الحرام مبارك ،ولا شك أن الرسل عليهم السلام والأولياء أعظم بركة ،ولكن ذكر البركة لم يكن علة لحكم الطواف بل هو من الحكم الملتمسة للطواف والأصوليون يفرقون بين العلة والحكمة فالعلة هي ركن القياس الذي يمكن القياس عليه واما الحكمة فليست من أركان القياس كما هو معلوم لكل من درس الأصول الفقهية .
وعليه تعلم أن الطواف بالقبور بدعة عملية سواء قيل أنها بدعة مكروهة كما ذكر الحنابلة ،أو كان بدعة محرمة كما قال الجمهور
وليس للشرك أي مدخل في المسألة وإنما هو غلو قال به المنتسبون إلى فرقة الوهابية ـ هدانا الله وإياهم ـ نعوذ بالله من الشطط والظلم ،والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

كلمة مدد مدد ما معناها عند قائلها ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
يقول سيدنا الإمام عبد القادر عيسى رحمه الله تعالى في كتاب حقائق عن التصوف : ـ ومن الكلمات التي لها تأويل شرعي صحيح كلمة [مدد] التي يُردِّدها بعض الصوفية، فينادي بها أحدهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أو يخاطب بها شيخه.وحجة المعترِض عليهم أن هذه الكلمة هي سؤال لغير الله واستعانة بسواه ولا يجوز السؤال إِلا له ولا الاستعانة إِلا به ؛ حيث قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): «إِذا سألت فاسأل الله، وإِذا استعنت فاستعن بالله»(أخرجه مسلم)، ثم إِن الله تعالى بيَّن في كتابه العزيز أنه هو مصدر الإِمداد حين قال: {كلا ً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك } [الإِسراء: 20].وقد جهل هؤلاء المعترضون أن السادة الصوفية هم أهل التوحيد الخالص، الذين يأخذون بيد مريديهم ليذيقوهم حلاوة الإِيمان، وصفاء اليقين ؛ ويخلصوهم من شوائب الشرك في جميع صوره وأنواعه.
ولتوضيح المراد من كلمة [مدد] نقول: لابد للمؤمن في جميع أحواله أن تكون له نظرتان:ـ نظرية توحيدية لله تعالى، بأنه وحده مسبب الأسباب، والفاعل المطلق في هذا الكون، المنفردُ بالإِيجاد والإِمداد، ولا يجوز للعبد أن يشرك معه أحداً من خلقه، مهما علا قدره أو سمت رتبته من نبي أو ولي.ـ ونظرة للأسباب التي أثبتها الله تعالى بحكمته، حيث جعل لكل شيء سبباً.فالمؤمن يتخذ الأسباب ولكنه لا يعتمد عليها ولا يعتقد بتأثيرها الاستقلالي، فإِذا نظر العبد إِلى السبب واعتقد بتأثيره المستقل عن الله تعالى فقد أشرك، لأنه جعل الإِله الواحد آلهة متعددين.
وإِذا نظر للمسبِّب وأهمل اتخاذ الأسباب، فقد خالف سنة الله الذي جعل لكل شيء سبباً. والكمال هو النظر بالعينين معاً، فنشهد المسبِّبَ ولا نهمل السبب.
ولتوضيح هذه الفكرة نسوق بعض الأمثلة عليها:ـ إِن الله تعالى وحده هو خالق البشر ؛ ومع ذلك فقد جعل لخلقهم سبباً عادياً، وهو التقاء الزوجين، وتكوُّنُ الجنين في رحم الأم، وخروجه منه في أحسن تقويم.ـ وكذلك فإِن الله تعالى هو وحده المميت ؛ ولكنه جعل للإماتة سبباً هو ملك الموت، فإِذا لاحظنا المسبب قلنا: { الله يتوفى الانفس}[الزمر: 42].وإِذا قلنا: إِن فلاناً قد توفاه ملك الموت، لا نكون قد أشركنا مع الله إِلهاً آخر ؛ لأننا لاحظنا السبب، كما بينه الله تعالى في قوله: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم} [السجدة: 11].ـ وكذلك فإِن الله تعالى هو الرزاق، ولكنه جعل للرزق أسباباً عادية كالتجارة والزراعة.. فإِذا لاحظنا المسبب في معرض التوحيد، أدركنا قوله تعالى: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} [الذاريات: 58]. وإِذا لاحظنا السبب وقلنا: إِن فلاناً يُرزَقُ من كسبهِ، لا نكون بذلك قد أشركنا، فرسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: «ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده»(أخرجه البخاري). وقد جمع الرسول (صلى الله عليه وسلم) بين النظرتين توضيحاً للأمر وبياناً للكمال في قوله: «وإِنما أنا قاسم والله يعطي»( أخرجه البخاري).ـ وكذلك الأمر بالنسبة للإِنعام، ففي معرض التوحيد قوله تعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله} [النحل: 53]. لأنه المنعم الحقيقي وحده. وفي معرض الجمع بين ملاحظة المسبِّب والسبب قوله تعالى: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه ..} [الأحزاب: 37]. فليس الرسول (صلى الله عليه وسلم) شريكاً لله في عطائه، وإِنما سيقت النعم لزيد بن حارثة رضي الله عنه بسببه (صلى الله عليه وسلم )، فقد أسلم على يديه، وأُعتِقَ بفضله، وتزوج باختياره..ـ وكذلك بالنسبة للاستعانة، إِذا نظرنا للمسبب قلنا: «إِذا استعنْتَ فاستعن بالله». وإِذا نظرنا للسبب قلنا: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2]. «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»(أخرجه مسلم ). فإِذا قال المؤمن لأخيه: أَعِنِّي على حمل هذا المتاع ؛ لا يكون مشركاً مع الله تعالى أحداً أو مستعيناً بغير الله، لأن المؤمن ينظر بعينيه، فيرى المسبِّب والسبب، وكل من يتهمه بالشرك فهو ضال مضل.ـ وهكذا الأمر بالنسبة للهداية ؛ إِذا نظرنا للمسبب، رأينا أن الهادي هو الله وحده، لهذا قال الله تعالى لرسوله (صلى الله عليه وسلم): { إنك لاتهدي من أحببت } [القصص: 56]. وإِذا لاحظنا السبب، نرى قول الله تعالى لرسوله (صلى الله عليه وسلم): {وإنك لتهدي الى سراط مستقيم} [الشورى: 52]. أي تكون سبباً في هداية من أراد الله هدايته.والعلماء العارفون المرشدون هم ورثة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في هداية الخلق ودلالتهم على الله تعالى. فإِذا استرشد مريد بشيخه، فقد اتخذ سبباً من أسباب الهداية التي أمر الله بها، وجعل لها أئمة يدلون عليها {و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} [السجدة: 24].وصلة المريد هي صلة روحية، لا تفصلها المسافات ولا الحواجز المادية، وإِذا كانت الجُدُر والمسافات لا تفصل أصوات الأثير فكيف تفصل بين الأرواح المطلقة ؟! لذا قالوا: (شيخك هو الذي ينفعك بُعدُه كما ينفعك قربُه) وبما أن الشيخ هو سبب هداية المريد ؛ فإِن المريد إِذا تعلق بشيخه، وطلب منه المدد، لا يكون قد أشرك بالله تعالى، لأنه يلاحظ هنا السبب، كما أوضحناه سابقاً، مع اعتقاده أن الهاديَ والمُمِدَّ هو الله تعالى، وأن الشيخ ليس إِلا سبباً، أقامه الله لهداية خلقه، وإِمدادهم بالنفحات القلبية، والتوجيهات الشرعية. ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) هو البحر الزاخر الذي يستمد منه هؤلاء الشيوخ وعنه يصدرون.فإِذا سلمنا بقيام الصلة الروحية بين المريد وشيخه، سلمنا بقيام المدد المترتب عليها، لأن الله يرزق البعض بالبعض في أمر الدين والدنيا. انتهى كلامه رحمه الله تعالى .وجزاه الله خير الجزاء .

الخميس، 15 أكتوبر 2009

اسئلة الأعتكاف عام 1430 للهجرة لسيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي حفظه الله (القسم الثاني)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله .هنا ما بقي من الأسئلة التي قام بنشرها موقع الطريقة الشاذلية الدرقاوية جزاهم الله خيراً.

ما حكم استخدام (العطور) في رمضان؟
في مذهب الشافعية: استعمال الطيب أثناء الصيام مكروه، وفي مذهب الحنفية: جائز.
فما دام فيه خلاف بين العلماء, وليس شيئاً ضرورياً, فالأفضل تركه في رمضان.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد قرأت لكم بعض المقروءات، فاطمأننت إليها والحمد لله، بعد أخذ وردٍّ، وجذب وجذف، ومد وجزر، وكأني على الشط. فهل لي أن اغترف من بحر علمكم، وارثَ معلم البشر? والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.وبعد:
هيئي قلبك وروحك تحت سيطرة قدرة الله جل وعلا. هذا التهيؤ يحصل بالتمسك بالشريعة والسنة النبوية وقراءة القرآن الكريم بالتفهم وترك المناهي وكثرة الذكر بـ (لا إله إلا الله), مع ضرب لفظ الجلالة على القلب
لا إلهْ إلا الله
لا: نفيٌ للإله الباطل, إلا الله.
وأغمضي عينيك عن الأجانب, ولا تتكلمي فيما لا يعني, لأنه )و ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) رقيب: مراقب , عتيد: حاضر.
فإذا فتح الله عليك باب رحمته جل وعلا تأتي عليك بعض الأمور, مثل الرائحة الطيبة, أحيانا خفيفة وأحيانا قوية, ولا يمكن لك حينذاك أن تتحركي, بهذا يقوى إيمانكِ بالله تعالى وبقرب علمه منك.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عراك القلب مع الغفلة والكدورات مستمر، بسبب الواقع السيئ، الذي تقتضي الظروف أحياناً أن يتواجد فيه صاحب هذا القلب، وبسبب هذا الواقع أجد أحياناً أن قلبي يضيع ثم يأتي. فما هي الأسس التي لا ينبغي للقلب أن يتخلى عنها مهما كانت الظروف؟
سيدي أرجو الدعاء فاني من المتطفلين على حسنكم.

أنت خُلِقْتَ في الدنيا, والدنيا ليست مخصوصة لك, بل هي مشتركة بين المؤمن والكافر, وبين الصالح والطالح, فلا بد أن تحفظ دينك ما دمتَ في هذه الحياة. الدنيا لم تَخْلُ لمحمد المصطفى عليه الصلاة والسلام، فالتقصير منك لا من الدنيا. الدنيا في حد ذاتها ليست مذمومة، لكن بغرورنا بها تكون مذمومة, وإلا فإن الدنيا مزرعة الآخرة, فكيف تكون مذمومة؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 27 سنة، ومُقدِم على الزواج، لكي أبتعد عن المعاصي والمخالفات، علماً أني أبحث عن فتاة تقية، تخاف الله، ولكن أنا اقصر في صلاتي وذكر الله وقراءة القرآن، وأخاف أن أجُرَّها إلى ذلك، ولا أعتبر، وهي عندي ستكون أمانة أمام الله ورسوله. فكيف السبيل إلى ذلك؟ وهل يجوز لأمثالي أن يتزوج الصالحات؟
نعم, يجوز لمثلك أن يتزوج الصّالحات، إذا كنتَ ترضى بها وهي ترضى بك, وإذا اتفقتم على ترك المخالفات. لأن الله وضع لحل المخالفات التوبة والرجوع إلى الله تعالى, وباب التوبة مفتوح إلى أن تصل الروح إلى الغرغرة.
تب واستغفر وارجع إلى الله, وحاول ألا تتزوج بالموظفات، ولا باللاّتي هنّ في الجامعة.

هل كثرة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبتُه تجعل المريد يطوي مسافات في سيره إلى الله؟
ج:يا أخي
! الصلوات على الرسول صلى الله عليه وسلم بالكثرة تقوم مقام المرشد, لكن ليس لكل أحد, بل لمن يكون أُوَيْسِيَّاً [نسبة إلى سيدنا أويس القرني]، ويتمسك بالكتاب والسنة، ويأخذ آداب السير والسلوك من أهل الديوان.
وكون الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم تطوي للمريد مسافات في سيره، هذا صحيح، لكنه ليس مقيداً بالكثرة, بل بالإخلاص.
إذا لم يوجد الإخلاص مع المحبة لا يترفع الإنسان ولا يترقى.

أ‌) إذا تاب العبد من الذنب توبة لا عودة فيها، هل عليه أن يعاقَب في الدنيا ليكفر الله تعالى ذنبه؟
ب‌) هل النقص في الرزق وعدم التوفيق في العمل عقوبة من الله تعالى للعبد؟

أ‌) لا، إذا كانت توبة صحيحة. التوبة النصوح: واحد من شروطها ألا يرجع الإنسان إلى ما كان قد عَمِلَهُ.
ب‌) أحياناً يكون البلاء عموماً، كما حصل لبني إسرائيل, وأحياناَ يكون خصوصاً، كما حصل في هذه الأيام، حيث مات أكثر من 30 – 40 إنسان دفعة واحدة، بسبب السيول التي حصلت في إستانبول وتراكيا.
هذا بلاء, ليكونوا عبرة لغيرهم.
قال تعالى: (و لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون)، وقال أيضاَ: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون).


بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أنا من الإسكندرية، أرجو من الله أن يتعهدني مربٍّ فاضل، لا يخالف كتاب الله أو سنة رسوله، في عقيدة أو بمعصية أو ببدعة. فأنا أجتذب نفسي عنوة للطاعة، وأريد من يعينني على الخير، ويبصرني بالطريق. فهل تساعدونني في ذلك؟ أكرمكم الله فأنا أتوسم فيكم الخير، وأتمنى أن تتنازلوا لمساعدتي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولاً: الله تعالى أكمل الشريعة الإسلامية فقال في القرآن الكريم: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً), فالوصول إلى الله تعالى بغير دين الإسلام غير مقبول.
وأحياناً الآيات الكريمة تُجْمِل، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تُفسِّر. معناه: أي شيء أمرنا به الله أو رسول الله صلى الله عليه وسلم, به يكون الوصول إلى رضا الله تعالى، ولذا قال ربنا: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله.....)، ربط اتباعنا الحادث لرسوله صلى الله عليه وسلم بمحبته الباقية الأبدية, محبة الخالق للعبد.
خارج هذا, الأولياء يبيِّنون لنا ظاهر الشرع وباطنه؛ ظاهره علوم الشريعة والأحاديث النبوية, وباطنه يبيِّنه لنا الأولياء, وهم مُلهَمون بالصدق والاستقامة، موافقاً للكتاب والسنة, يبيِّنون ويوضحون أكثر الطريق.
الوصول هكذا, يعني غير الشريعة والسنة لا يوجد, لا مناص منهما

سيدي الحبيب ومولاي أحمد فتح الله جامي! إننا نحبكم في الله، ونرى فيكم بقية السلف الصالح. نشكركم على موقع الطريقة الذي أتحتم فيه الفرصة لأمثالنا للسؤال, عندنا أغلب المشايخ ممنوع أن نسألهم، لأنهم فوق العالم، لكم الشكر إن أجبتم على أسئلتنا, نحن من الأخوة المحبين، نبحث عن رضا رب العالمين، عن طريق شيخ مأذون مجاز بالسند.
‌أ) هل للشيخ تصرف في سرعة سير المريد؟
‌ب) هل لا بد للمريد من الجلوس للذكر حتى يفتح له، لا يقوم أبداً حتى يفتح له؟
‌ج) ما الفرق بين ذكر الإنسان وذكره بإذن من شيخه؟
‌د) كيف نفهم سر الإذن؟
‌ه) هل انتقال سر الطريق يكون من قلب الشيخ إلى قلب خليفته؟ وإذا تعدد المأذون هل يتعدد السر؟
‌و) قال ربنا: (تطهرهم وتزكيهم) معناه التطهير غير التزكية؟
‌ز) هل يمكن أن توضحوا كيفية الذكر لنا بالصوت بتسجيل صوتي؟
‌أ) لا, هذا مقيّد بالقدَر الإلهي وباستعداد المريد, فإذا وافق استعداد المريد القدَرَ, والقدرُ وافق الاستعداد, وكان الصدق والإخلاص والتمسك بالشريعة موجوداً, فإن ربه يعطيه بحاله, لكن التوجيه من خادم الطريق. يمكن أنتم سمعتم بعض أهل الطرق يقولون: في طريقتنا الوصول لا يحتاج إلى أربعين سنة, بل أربعين يوماً أو أقل. بعضهم يقولون هكذا , لكن هذا لا يُطبَّق على إطلاقه على الكل, لأن من المريدين من يعملون بالصدق والإخلاص، ويطبقون أوامر الشيخ، أكثر من ثلاثين سنة، ولا يترقون ولا يصلون إلى ما هو مشهور بين الناس من الكشف والكرامات وهكذا, لأن استعدادهم ليس قابلاً للترقي, وهؤلاء يبقون سالمين. أما إذا أراد الله أن يفتح على أحد فتح العارفين في أقل من ساعة فإنه يعطيه, لا مانع لما أعطى: (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها, وما يمسك فلا مرسل له من بعده , وهو العزيز الحكيم).
‌ب) لا, لا يكلف الله نفساً إلا وسعها, يمكن أن يفتح عليه بعد سنة أو بعد شهر أو بعد أسبوع, ألا يقوم من مكانه ؟ لكن من آداب الأوراد أنَّ المريد إذا قعد للورد لا يقوم حتى يتمّه, إلا لضرورة.
‌ج) إذا كان ذكر المريد بإذن شيخه فإنه إذا حصلت له الواردات لا يغتر, بل يقول: هذا أمرني به شيخي.. هذا من بركة الطريق, يُرجع هذا إلى شيخه وإلى طريقته, فلا يحصل له الغرور.
أما إذا كان بدون شيخ، وفُتح له أو وَرَدَ عليه شيء، فإنه حينذاك لا يُؤمن عليه من العُجب.
‌د) صاحب الإذن أمين، فإذا خالف الذي أعطاه الأذن بالسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفلح. وإن حصل في قلبه أنه يفعل بدون شيخ وهو داخل الطريق، فإنه يكون محروماً. عليه في هذه الحالة أن ينتقل إلى طريق آخر, وإلاّ فهو يخبئ صفة الفسق في قلبه.
سر الإذن هكذا, لأن المأذون في ضمان الله وضمان رسول الله وضمان شيوخ الطريق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا حصلت للمريد بعض الأمور، يمكن لشيخه أن يتأخر، والأولياء الذين فوقه يتدخلون في الإمداد. قولنا هذا لمن صدَّق, لا لمن لا يفهم ولم يصدِّق.
ولذا إذا كتب الشيخ إجازة خطية مع الختم لواحد يقول فيها: يا أخي! اعرف فضيلة الإذن، لأن المأذون في ضمان الله وضمان رسول الله وضمان شيوخ الطريق.
فعليه مهما أمكن أن لا يخالف ولو بقدر رأس الإبرة, وإذا خالف فإنه يُضرب.
ه) يتعدد بقدر صدق كل واحد من المأذونين من الطريق, وبقدر التمسك بالشريعة والسنة النبوية, فمنهم موافقون, ومنهم لا يعملون بالطريق ولا بالإذن.
و) هذا متعلق بالزكاة والصدقات.
أما التطير الذي يجري على لسان أهل التصوف, فقد قال ربنا: (فلا تزكوا أنفسكم), يعني: ينهانا أن نزكي أنفسنا [أي: أن ننـزِّهها], وأما إذا أراد الله أن يزكي عبداً فإنه يزكيه.
التزكية مخصّصة برسول الله صلى الله عليه وسلم, إذ أُرسل إلى قومه, فمن أطاعه يُزكى ويُطهَّر, ومن خالفه وعصاه كان منافقاً.
أما تزكية القلب فإنها ليست مخصصة بالمريد,, بل هي بالله تعالى, وباتباع ذلك الشخص لشيخه وتسليمه له وتأدبه بنصيحته. هذه هي التزكية بلسان المتصوّفة.
طهِّروا قلوبكم وصَفُّوا بواطنكم.
ز) إنني لا أستعمل الفيديو ولا التلفزيون , ولا أعطي صوتي ولا أتكلم حتى يأخذوه بآلة التسجيل. إنني غريب, أخذت هذا من الأولياء الغرباء. ألم تسمعوا في الدنيا واحداً عاش 85 سنة، ولم يُسمع صوته في كاسيت ولا راديو، إنه الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي, هذا هو الغريب, وأنا كذلك غريب, لا أفعل ذلك.
آداب الذكر مقيَّدة في كتب القوم, وكل واحد يعرف مشربه, وينظر إلى كتاب في مشربه ويأخذ منه آداب الذكر.
أنتَ كتبتَ اسمك (محب الصّوفية), لكن كل من يدعي شيئاً, لا تعطيه إياه الشريعة إلا بالشاهد.

السلام عليكم وجزاكم الله خيراً.
‌أ) هل يجوز السلام على غير المسلم؟
‌ب) وهل تجوز استغابته؟
‌ج) وهل يؤجر على فعل الخير معه؟ وجزاكم الله عنا كل خيراً.
‌أ) السلام على غير المسلم: لا وليقل السلام على من اتبع الهدى.
‌ب) إذا كان ذمّياً فلا تجوز غيبته, لأنها تنقص من حرمته بين المسلمين.
‌ج) إذا كان محتاجاً يُؤجر: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين). الإحسان مطلوب حتى للكافر إلا الحربي.

ما رأيكم في رؤية المسؤولة باستمرار للاستفادة منها؟
تستفيدين من كلام المسؤولة, وإلا فليس هناك استفادة مخصصة من المسؤولة، فهي تعظك بآداب الشريعة والسنة والطريقة, وأنت تسمعين منها.
المسؤولة ليست شيخك, ولا يصل إليك ولا إليها فوائد بدون الطريق.
الطريق متعلق بخادم الطريق.
يأتي العطاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم يُقسَّم, فإذا قُسِّم يصل إلى خادم الطريق. أما أن تكون كل مسؤولة خادم الطريق فهذا جهل.
هذا التعلق في الطريق يقطع الاستفادة.

قرأت في أحد الأجوبة: (بمصاحبة أرواح الأولياء الكمل المتقدمين المتوفين)، ما معنى هذا؟
هذا الكلام معناه ظاهر, ليس عليه غبرة حتى لا تفهمه.
لو كنت تعمل بمقتضى الطريق تقف عليه، ويحصل لك مثل هذا , اعتقاد أهل السنة والجماعة يقولون مدد ياسيدي الجيلاني معناه يستفيدون منه , نحن نعلم ونقر به أما أنت لاتقر به هذا وبال عليك ليس علينا لكنك تستغرق في الأنانية, وما قطعتَ عن نفسك حتى تطَّلع عليه.
فكما أن المؤمن يمكن أن يحصِّل مراقبة الله تعالى, ولا يغيب عن قلبه طرفة عين, فإن الذي يحصل هذه الدرجة, ومرّ معه الالتقاء بأرواح الأولياء والاستفادة منهم - رضي الله عنهم - يعلم ذلك. أما أنت فلا تعرف, ارجع إلى تقصيرك, ولا تحوّل تقصيرك على الأولياء, هذا واحد. والثاني: لا تقس أرواح الأولياء على نفسك, لأنه قياس باطل.

تأتيني خواطر عن أي شيء يخطر في بالي، كالخلق والخالق والنبي والقرآن والإسلام والعبادات ككل، حتى أنني لأحس بنفسي خرجت عن الدين وضاق صدري وأنكرت نفسي، ثم أتذكر الموت، فما أجد أي جواب يريحني، فماذا تنصحونني يا سيدي، أدامكم الله؟
أنت أخذت بحبل الشيطان, لأنه يجرك إلى أن تخرج من الدين؛ أولاً: بينك وبين إخوانك, ثانياً: بينك وبين شيخك, ثالثاً: بينك وبين نبيك, رابعاً: بينك وبين ربك: (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين). مقصد الشيطان – عليه اللعنة – أن يخرجك من الإيمان.
كلما هجم عليك استعذ بالله, كما قال ربنا: (و إما ينـزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله), هذا واحد، والثاني: أنت بالخطرات السيئة في حق الله وحق رسول الله لا تخرج من الدين, كما أنه إذا كان على عينيك نظارة وأنت ترى النّجاسة, هل تصل النّجاسة إلى عينيك؟ لا. يعني تخيل الكفر ليس كفراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سيدي المحترم حفظكم الله وسدد خطاكم. فرحنا بهذا الموقع، سابقاً كان لا بد من قطع المسافات ليالي وأيام للقاء وارث من وراث سيد الأكوان، لنا رجاء من حضرتكم ونحن ثلة من طلبة نبحث عن الحق، أن تجيبونا صدقاً وحقاً:
‌أ) هل أنتم وارث حق وسند متصل بحضرة المصطفى، بدون تأويل أو رؤيا؟
‌ب) هل طريقة الشاذلية فيها تلقين الاسم المفرد /الله/، وهل له سند نبوي؟

‌ج) هل تصليح القلب والسر مقدم على جمع الحسنات؟
‌د) هل صحيح إن التشويش في عالم الشهادة سبه اختلاف بين أهل الديوان؟
‌ه) هل الاستغراق في عظمة الله أم في صفاته أم في المذكور أولى؟
‌و) هل الذنب في الدنيا للمريد ينقص من درجته؟
‌ز) هل تنصحونا بكتب الإمام الشعراني والغزالي؟
‌ح) إذا كان لنا في العمر سعة هل لنا أن نزوركم وندخل الخلوة عند حضرتكم؟
‌ط) هل للوارث أن ينشل المريد من أمراضه بالنظر؟
‌ي) هل لكم تصرف واطلاع على مقامات السير وعقباتها وما يعترض المريد؟
لكم الشكر والفضل إن أجبتم، وإلا فالتقصير باد من طرفنا.
كيف أنت باحث عن الحق؟ عن الكيفية أم الوصول إلى رضا الحق؟
أما البحث عن الكيفية فممنوع, نحن نعرف ربنا باسمه, ولا نتجاوز عن الحدّ. أما الباحث عن الوصول إلى الحق, فإن الله بيَّن والرسول صلى الله عليه وسلم بلَّغ: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ).....
إن كنا نعرف الحق قبل كتابتكم نرجو الله أن نكون على الحق, وإن لم نكن على الحق ولم نعرف الحق فإننا بقولكم لنا لا نعرف الحق.
‌أ) هذا الأمر لا يثبت بالرؤيا ولا بالتأويل, بل ممن كان مأذوناً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, إنني مأذون بهذه الإجازة, لكن نرجو الله أن نكون متمسكين بالشريعة والسنة النبوية وآداب أسيادنا.
لو كنا على الحق فإنه لا يُعرف إلا لمّا تُبلى السرائر, أو العكس - نعوذ بالله من العكس -.
لا نزكي أنفسنا, ونطلب أن نتمسك بالشريعة والسنة, وليس لنا دليل أننا من المفلحين أو من المخالفين, ليس لنا دليل على ذلك إلا التمسك بالشريعة والسنة النبوية.
نحن لسنا مسؤولين أن نبين لكم درجة إيماننا من أي من الأقسام الخمسة.
وإذا طلبتم شيئاً موافقاً للشريعة والسنة النبوية فإننا نجيب بقدر علمنا وبقدر وسعنا: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ).
من عرف نفسه فقد عرف ربه. فإن كنتم بحسن ظنكم تظنون بنا خيراً فجزاكم الله خيراً، لكنكم لستم أعرف مني بنفسي.
‌ب) السند النبوي للمأذون ممن كان قبله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. من كان مأذوناً تلقين الاسم وظيفته, فهو يُلقّن.

‌ج) الإصلاح شيء والحسنات شيء آخر. الإصلاح مقدَّم على الحسنات. فيمكن للإنسان أن يتصدق بألوف, وإذا لم يكن من أهل الإصلاح فإنه لا يميز بين الإخلاص والرياء والعجب, ويكون عمله باطلاً. أما إذا أصلح, فإنه ولو كانت نفقته قليلة, يثاب, ويضاعف له من ضعف إلى عشرة إلى سبعمائة ضعف.
‌د) حاشاهم, فهم مأمورون ظاهراً بالشريعة, وباطناً بالإصلاح بين المسلمين. من ظن هذا فإن سوء ظنه يرجع عليه.
‌ه) الاستغراق في صفات الله تعالى لا في ذاته, لكن تجلياته جلّ وعلا من ذاته إلى صفاته, فلا تخلو الذات عن الصفات, ولا الصفات خالية عن الذات. هذه مسألة اعتقادية.أُمرنا أن نعرف ربنا باسمه لا بكيفيته, وبتجليات صفاته.
ارجع إلى شرح الباجوري أو الصّاوي على جوهرة التوحيد حتى تصحح اعتقادك.
‌و) نعم، إذا كان بالدوام وبدون توبة. أما إذا تاب ولم يرجع إلى ذلك الذنب فكأنه لم يفعل ذنباً: (لا ذنب بعد التوبة), وإن كان سند هذا الحديث ليس بقوي - كما قال الترمذي -.
‌ز) أنصحكم بكتب الشعراني وكتب الغزالي كذلك , فهم على الحق ومع أهل الحق , يعتمد على أقوالهم.
‌ح) إذا لم تدخلوا الطريق كيف تطلبون الخلوة؟ مثال هذا كالذي لا يصوم, ويقول أنا أفطر. ما صمتَ حتى تفطر.
قولكم: }و إن متنا قبل أن نصل إليكم...{ هذه المسألة مرت معي في حياة شيخي, فقبل أن أبايعه بسنة عُرض عليَّ من طرف أحد مريديه أن أبايعه, قلت له: يا أخي! هذا دين, لا أتسرع به ولا أبايع, وبعد ما مرَّت سنة, وثبت لديَّ أن هذا الطريق متصل برسول الله صلى الله عليه وسلم, كتبت له كما كتبتم لي, قلت: يا سيّدي! إن متُّ قبل أن أصل إليكم فأنا على طريقتكم وأنتم شيخي, وإن أعطاني ربي الإمكان أصل إليك إن شاء الله تعالى. وبعدُ, ذهبت إليه ودخلت الخلوة, وبقيت عنده شهراً أو أقل أو أكثر. وأنتم هكذا.
وإني أعتمد على صدقكم في أنكم تحبون الطريق الموصول, لا طريق الشعشعة والشهرة.
‌ط) يتأثر المريد الصادق في ابتدائه فيصل إلى درجة مرشده, لكن قلنا: المريد الصادق.
ولذا يقولون: ابتداء المريد الصادق انتهاء شيخه.
إن شئت أن تطلع على هذا فانظر /الأنوار القدسية/ للشعراني.
بالنظر يستفيد المريد الصادق, أما بشكل عام فلا.
إني كنت عند شيخي الأول – رحمه الله – أنا وهو وحدنا في صُفّة المسجد, تكلم معي بعض الأمور - وكنت أحبه حباً بعد حب الله وحب رسول الله, ما وجدت مريداً في ذلك الوقت ولا في هذا الوقت يحب شيخه كما كنت أحبه – قال لي: أحمد! جئ بالماء, والبئرُ قريب من صفَّة المسجد, قبل أن أذهب إلى البئر, وقع في قلبي بإذن الله وببركة رسول الله: لو تنظر إليّ بنظر الاستفادة؟ لأني تعودت على فيوضاته, فقبل أن أصل إلى البئر - خمسة أمتار أو أقل – جاءت الفيوضات, فسكنتُ, وبعدُ جئت بالماء وأعطيته.
أنت سألت عن النظر، يقال لهذا النظر: لحظ.
‌ي) أنا لست مسؤولاً أن أقول لك, لأنك لست من أهل الطريق. وإن كنتَ من أهل الطريق فلا تطلب مني، واطلب من الله تعالى، لأن الذي يؤدي حاجة الإنسان هو الله جلّ وعلا.
كل ما كتبتم لا يُشرط على من أراد أن يدخل الطريق. كل هذا فاضي (فارغ). الذي يدور على الطريق عليه أولاً أن يدور عن التمسك بالشريعة واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم, وعن الطريق المتصل، فإذا التقى به وأراد أن يدخل الطريق يدخل.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أ‌) نرى بعض المشايخ، لكن لا نرى فيهم التواضع الذي نسمعه عنكم، لا نبغضهم، لكن لا نحبهم مثلكم، هل هذا من الانشغال بالغير وقلة الإيمان؟ جزاكم الله خيراً.
ب‌) صلاة الفجر في المسجد إذا خشينا فيها الرياء هل نصليها جماعة بالأهل؟
أ‌) إصلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم ليس عليك.. عليك أن تحسن الظن بهم:
وإن شئت أن تحيا سعيداً فظن بمعشر الإسلام خيراً
أما حبك لنا - ونحن لا نعرفك وأنت لا تعرفنا - فهذا التعلق البارد, بدون صحبة, بدون بيعة, بدون دخول الطريق, لا تستفيد منه, لكن تستفيد من محبة المسلمين جميعاً.
ب‌) ارجع إلى الخشوع, فإذا كانت صلاتك في المسجد خالية عن الخشوع عليك أن تصلي مع أهلك في البيت جماعة.
الصلاة في المسجد أفضل من الصلاة في البيت, لكن إذا كانت الصلاة في البيت مع الخشوع فهي أفضل.
صلاة المسجد أفضل بخمس وعشرين درجة, لكن إذا وقع فيها الرياء تذهب بالكلية.


السلام عليكم ورحمة الله يا شيخنا. سؤالي هو:
أ‌) هل العهد الظاهري أقوي أم الباطني؟
ب‌) وبأيهما يكون المريد خليفة لشيخه؟ وشكراً.
أ‌) أي عهد تقصدين؟ إذا كان من ناحية الإيمان, ولم يصدِّق القلب ولم يُقرَّ اللسان، فهذا العهد باطل, يبقى صاحبه خارج الإيمان.
وإذا كان العهد في التصوف, فلا بد من التصديق كذلك, يعني التسليم.
ب‌) يكون المريد خليفة لشيخه بإجازته له خطياً, الإذن الباطني وحده لا يُقبل.
في البداية لم يكن الإذن خطياً, لكن بعدما بَعُدنا عن عهد الصحابة والتابعين شَرَطَ أسيادنا الإجازة الخطية والختم, لأنه ظهر التزوير.

سيدي! أرجو منكم النصح والإرشاد، علماً بأني - بفضل الله - قد دخلت في الدراسات العليا في قسم التفسير وعلوم القرآن في جامعة دمشق، وقد أضطر في بعض الأحيان للحديث مع النساء، وأستحضر النية أنهم أخوات لي, فما رأيكم في ذلك؟ ولكم خالص الشكر.
اسأل الدكتور محمد سعيد البوطي. هذا في ديننا وشريعتنا ليس جائزاً. ألا تستحي من الله جل وعلا ؟ أنت تدرس في قسم التفسير, أما قرأت في سورة الأحزاب: (وإذا سألتموهنّ متاعاً فاسألوهنّ من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ) وهم صحابة وهنّ أمهات المؤمنين. أما قرأت ذلك؟ لِمَ تسألني؟
أليس لك أخوات؟ أخواتك اللاتي ولدتهن أمك أو ضرة أمك أو من الرضاع. الكلام بدون نظر جائز, صوت المرأة ليس حراماً, فإذا سألت شيئاً بدون كشف الوجه لا يضر، أما إذا كشفت وجهها, أو أنت تدرِّس وهي طالبة بدون تستر, عليك أن تحفظ دينك.

أنا أريد أن ألتزم بتعاليم الشريعة، وأتوب من كل ذنب، وأريد أن أصل لأقوى مراحل الإيمان ؟
سؤالك جيد, لكن الوصول إلى أقوى مراحل الإيمان مشهور عند أهل التصوف.
اطلعي على شرح العقيدة الطحاوية للغنيمي، ولا تقرئي شروح الوهابيين الذين ينكرون التوسل.
معرفة الله تعالى تثبت بطريقين:
الأول: تطهير القلب وتصفية الباطن.
و الثاني: طريق المتكلمين.
إذا طُهِّر القلب تأتي الواردات الإلهيّة، كما قال نجم الدين الكبرى في التأويلات النجمية.

ما هو السبيل للوصول إلى حقيقة الإخلاص؟
كيف يصل العبد إلى الصدق الحقيقي مع الله؟
كيف يكون المريد صادقاً في الطريق؟
نرجو منكم الدعاء سيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي.
حقيقة الإخلاص أن تجرّد عبادتك من رؤية الخلق. حقيقة الإخلاص محلها القلب. إذا دخلت في العبادة عليك أولاً أن تصحح نيتك, بأن تكون عبادتك خالصة لوجه الله تعالى.
يقول أبو علي الدقاق - رحمه الله -: الإخلاص: التوقي عن ملاحظة الخلق, والصدق: التنقي من مطالعة النفس, فالمخلص لا رياء له, والصادق لا إعجاب له.
وقال الجنيد - رحمه الله -: الصادق يتقلب في اليوم أربعين مرة, والمرائي يثبت على حالة واحدة أربعين سنة.
وذلك أن الصادق يفتش نيته, هل كانت حسنة ولوجه الله, ويحاول أن يجرد عبادته لله تعالى، أما الآخر فلا يهمه ذلك.

في البداية أود أن أشكركم على هذا الموقع المميز. أما بالنسبة لسؤالي:
هل تعتبر مخالفة شيخ الطريقة في أمرٍ من الأمور مخالفة للشرع؟ علماً أنه طلب مني أن أتوقف عن إتمام دراستي الجامعية، بدعوى حرمة الاختلاط، علماً أنني فتاة متحجبة، ومحافظة على نفسي والحمد لله.
نعم، إذا كان شيخ الطريق موافقاً للشريعة, ولا يتكلم إلا موافقاً للشريعة, فمخالفته مخالفة للشرع.
ثم إني لا أعتمد على قولك أنك محافظة, وإذا صدَّقتك أنك محافظة, فالذين يطلبونك ليسوا محافظين. وإذا تركتِ الجامعة فإنك لا تتركين الدين, بل تتركين مخالفة الدين.
أنت لست مجتهدة في الدين, أنت تعرفين بعض علوم الدين, وتعرفين أن تنقلي لأمثالك, لكن ليس لازماً لك أن تبيعي نفسك حتى تستكسبي شهادة.
تفكري - بالله عليك – أيهما أفضل؟ عليك أن تحكمي.
عليك أن تخلصي من هؤلاء الفسّاق, أكثرهم فسّاق.
نحن لسنا ضد العلم, بل ضد ما يخالف الشريعة.
السلام عليكم.
كيف يكون الخشوع في الصلاة؟ وجزاكم الله كل خيراً.
عليك أولاً أن تصحح نيتك لوجه الله تعالى, وقل لنفسك: هذه مناجاتك مع ربك. فإذا دخلتَ في الصلاة التي هي ركن دينك وديننا تَفَكَّرْ في معاني المقروء, حتى تخلص إن شاء الله.
إذا صحت النية أولاً, إن شاء الله لا تضرك ولا تضرنا الوساوس.

كيف يقوي المريد استقامة القلب؟
قال تعالى: (فاستقم كما أمرت), على المؤمن أن يتفكر بما أُمر به, أُمرنا بالشريعة المحمدية وبالسنة النبوية, وأُمرنا بترك المناهي، وأمرنا بالتعاون على البر والتقوى, هذه هي الاستقامة.

أنا من أفراد الطريقة الشاذلية، من مريدي الشيخ أحمد - حفظه الله -، أسأل:
كيف للمريد أن يقوي صلته بالشيخ؟
لا بد أن تأخذي بتوجيهاته. أولاً: عليك أن تتمسكي بالشريعة والسنة النبوية, ثم تذكري الله كثيراً, إلى أن يحصل لك ثبوت قلبك على المذكور.
في البداية يشرد قلبك عن الذكر, وبعد ذلك يثبت على الذكر ولا يشرد. واقرئي القرآن الكريم, وتجنبي عن المنهيّات؛ من الغيبة والنميمة وسوء الظن.
أكثر النساء مبتليات بهذا. هذا لا يليق بالمسلم ولا بالمسلمة. إن شاء الله تكونين جيدة، لكن لا تطلبي شيئاً من ربك مقابل عبادتك, حتى لا تكون معلولة, فالعبادة المعلولة غير مقبولة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سيدي أنا من حلب، والحمد لله أنني من أتباع الطريق، وبعد معاناة مع زوجي بفضل الله أصبح في طريقتنا، ولكني الآن أعاني من بناتي، فإنهم يقولون لي: أن علي كرم الله وجهه قال: (لا تجبروا أبنائكم علي أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم).
أ‌) فهل هذا القول صحيح؟
ب‌) وماذا أفعل لكي أجعلهم يسلكون طريقي ومشربي
ويكونون مع الشريعة والسنة السنية بحذافيرها؟
أ‌) هذا القول صحيح فيمن كان زاهداً, فلا يلزم أن يجبر أولاده أو أهله على هذا.
ب‌) بالنصيحة , وبذكر ما بعد الموت.
بعض أوليائنا (بديع الزمان سعيد النورسي رحمه الله) يقول: كنت في السجن, نظرتُ من خلال الشبك إلى البر, فرأيت بنات المدارس يذهبون إلى المدارس وهنّ يرقصن ويضحكن, فحصل لي حزن شديد على بنات المسلمين, فبكيت, وقلت في نفسي: هؤلاء بنات المسلمين, إما أن يَمُتْنَ قبل سن الخمسين, ويشعل عليهم القبر ناراً، وإما أن يَعِشْنَ بعد سن الخمسين, وتنخني ظهورهن, وتشوَّه وجوههن, لكنهن الآن لا يفهمن.
النساء سلاح بيد الكفار, قال تعالى: (وكان الكافر على ربه ظهيراً) أي: يعين الشيطان في مخالفة الرحمن.

كيف أقوي جنود الروح على جنود النفس والشيطان؟ جزاكم الله خيراً. ؟
إذا أردت أن تقوي روحك على نفسك , عليك أن تقطع علاقة روحك بالنفس, وتقطع طمع النفس بالروح، يعني، بالمعنى الواضح: لا تتبعها.
وإذا استفتت منك النفس الأمارة فلا تعطِها الفتوى, تقول لك: أنت جائع... أنت مريض .. وهكذا, خذ بالعزائم.
فإذا قويت الروح, تطلب محلَّها الذي جاءت منه, وهو جوار الله تعالى.
والنفس إذا دخلت أولاً في الجسد تستأنس بالروح, فإذا لم تطعها الروح تكون هي مجبورة ومضطرة على اتباعها.
إذا لم ترضَ الروح باتباع النفس عليها أن تقوي جنود الروح على جنود النفس. جنود الروح: ذكر الله وقراءة القرآن والصلوات على رسول الله صلى الله عليه وسلم, إن شاء الله بذلك تستريح, لكن هذا ليس سهلاً. كما قال البوصيري: من لي برد جماحٍ من غوايتها كما تُرَدُّ جِماح الخيل باللُّجُمِ

أثناء حلقات الذكر يقوم الكل بالوقوف، ثم حركات فيها اهتزازات بصفة جماعية، فما صحة هذا السلوك شرعاً؟
لا نقول: الذكر القيامي ليس جائزاً, لكن يمكن أن يتجاوز الحد المباح، ويدخل في الرقص.
بعض العلماء ينقدون, أما نحن فلا نقول ليس جائزاً, لكن لا نصوِّبه في هذا العصر, لأنه يكون سبب نقد العوام. قَطْعُ لسانهم أحسن.
وعلى كل واحد من أفراد حلقة الذكر قائماً, أن لا يتجاوز حد الذكر إلى حد الرقص. لكننا لا نعتمد على ذلك, لأنهم يقعون في الخطأ.
الأخذ بالعزائم أفضل.

السلام عليكم وعلى ساداتنا الشاذلية الكرام.
أريد أن استفسر فقط عن:
‌أ) ماهية الذكر في الطريق الشاذلي؟
‌ب) ولماذا يختلف الشاذلية في المغرب وفي سوريا في طريقة الذكر؟ ففي سوريا يذكرون الله غالباً بصيغة (إيه.. إيه ) مع نفس عميق، فان قلت لي أن السادة الشاذلية يقصدون بذلك ذكر صيغة الاسم المفرد (الله) فمع الاستغراق في الذكر أو مع سرعته تؤول لأن تصبح كما ذكرت (إيه..) قلت: هذا يكون فقط لأحوال الغارقين في الذكر، وغير المتواجدين بنفس الوقت، فلا تكون هذه الصيغة إذن من بداية الذكر كما يفعل السوريون..فعند أهل المغرب الشاذليين لا يفعلون ذلك بتاتاً.
‌ج) ماحكم السماع في طريقة الشاذلية .
ففيدوني بذلك من سيدي أبو الحسن الشاذلي ومن أسيادي الشاذلية الكبار، وأنا أحقَرُهم.
أ ) ماهية الذكر في الطريقة الشاذلية: التوحيد ( لا إله إلا الله ), مع هز خفيف للرأس بأربع حركات, وضرب لفظ الجلالة على القلب بقدر الإمكان. وإذا سألت عن العدد فلا عدد, بل كثرة، لأن القرآن ذكر الذكر بالكثرة.
ب ) إيه... إيه.. ليس توحيداً. بل لا بد من التلفظ بلفظ الجلالة. والذكر ثلاثة أنواع:
نوع بمجرد اللسان, ونوع بمجرد القلب, ونوع بالقلب واللسان.
الذي تسمعه من الذاكرين منحرفاً عن لفظ الجلالة, هم لا يقولون هكذا كما تسمع. وإذا كانوا لا يلفظون لفظ الجلالة بشكل صحيح, جميع العلماء ينقدون عليهم. عليهم أن يقولوا الله, الله...
ج) ما وجدت، وكذلك الإمام السيوطي - رحمه الله - يقول مدافعاً عن الإمام الشاذلي, يقول لا سماع في طريقة الشاذلي.
لكن حكم الإنشاد ليس حراماً ولا مكروهاً ولا فائدة فيه. وإني سمعت الشيخ عبد القادر عيسى - رحمه الله - في المدينة المنورة, يقول: لا تستمعوا إلى المنشد، فتبتعدوا عن المذكور.
على كل حال, فائدة الإنشاد: إذا وجد شوق واشتياق في قلوب الذاكرين الحاضرين، فالإنشاد يحرك ذلك الاشتياق. أما إذا لم يوجد في قلوب السامعين شيء فليس في الإنشاد فائدة.


ما هو علم اليقين؟ وما هو حق اليقين؟ وما هي حقيقة الذكر؟
علم اليقين في درجات الإيمان أضعف من عين اليقين.
علم اليقين يمكن أن تدخل فيه الزندقة, سبب ذلك أن صاحب علم اليقين يقرأ الكتب ويعتمد عليها, ولم يثبت الاعتقاد في روحه وفي عروقه وفي دمه، و لذا فإنه يمكن أن ينحرف.
أما صاحب عين اليقين فإنه محفوظ, لأنه يرى بعينه.
و حق اليقين فوق عين اليقين.

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سيدي الفاضل:
تجاوزت الأربعين من العمر، وشارفت على الخمسين. فيما مضى كنت عاصياً بجميع أنواع المعاصي، ومنذ عشر سنين تركت هذه المعصية الكبيرة من فعلها، لكن مازالت موجودة في الذاكرة والنفس بقوة معظم الوقت، مع العلم أنني ملتزم بالاستغفار والصلاة على الرسول وذكر لا حول ولا قوة إلا بالله وذكر لا الله إلا الله وحده لا شريك له، كل ذلك مئة مرة صباحاً ومساءً، لكن ما زلت في غفلة وشهوة وانقباض وضيق، وأشعر باكتئاب شديد. هل من كان في عمري وما كان منه من معاصي هل يرجى منه خير وقد شارفت رحلة العمر على الانتهاء؟ وهل دخل هذا الطريق من هو مثلي، أي ما كان منه من جرأة على حدود الله ومعصيته؟
أرجو من فضيلتكم الإجابة بشكل صريح قدر الإمكان والمساعدة في ذلك.
عليك أولاً أن تندم مع التوبة والاستغفار, وأن ترجع إلى ربك بالذل والاستحياء مما حصل معك من الغفلة والمخالفات.
بعد هذا اقطع على نفسك وعداً بأن لا ترجع إلى المعاصي مرةً أخرى.
و لا تكن من القانطين: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله, إن الله يغفر الذنوب جميعاً), لكن مغفرة الذنوب جميعاً مقيدة بالتوبة. وشرط التوبة أن تكون مع الندامة, عندئذٍ تكون مقبولة إن شاء الله تعالى.
أما دخولك في الطريق, فإن أكثر القرى والبلاد فيها طرق, فاختر أحد الطرق, وبايع أحد المأذونين أو وكلائهم. نرجو الله أن يعفو عنك وعنا جميعاً.
و بعد دخول الطريق, إذا وجهوك إلى أية طاعة من الطاعات عليك أن تفعل.
و أما المعاصي فعليك أن لا تُشهد عليها أحداً, فتقول فعلت كذا وكذا. والله تعالى يعلم.

سيدي! بارك الله بكم، ورزقنا الله النفع منكم.
لقد اطلعت على الإجازة فسررت أن في هذا الزمان يوجد من وصل إليه سند سيدي أحمد العلوي. وسؤالي لكم:
‌أ) هل ولاية الأولياء الكمَّل من حيث مراتب الترقي هي على قدم ولاية الصحابة الكرام؟
‌ب) هل لأهل البيت النبوي مزية على غيرهم تنفعهم يوم القيامة؟
‌ج) هل هناك آداب مطالبين بها مع أهل البيت النبوي؟
أ) بل كل واحد من الأولياء - لا نعد أنفسنا من الكُمّل - على قدم واحد من الأنبياء.
طريقتنا الشاذلية, في هذه القطعة المتصلة بالشيخ عبد القادر عيسى - رحمه الله - على قدم سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام, فطريقتنا خليلية.
إذا ثبت هذا، فبطريق الأَوْلى-: يكون الأولياء موافقين لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ونبينا على قدم سيدنا إبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
ب) يوم القيامة حساب هذه الأمة على وفق الشريعة والسنة النبوية, أما مزية أهل البيت فهذه نَسَبيَّة, ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للسيدة فاطمة - رضي الله عنها -: (اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئاً).
أما التفاضل بين الصحابة والآل غير الصحابة، فإن الصحابة أفضل من الآل من غير الصحابة.
ج) لابد أن نحترمهم مهما أمكن, ما لم نرَ منهم كفراً بواحاً.

السلام عليكم.
‌أ) كيف أتخلص من الوساوس؟
‌ب) كيف يكون القلب في حضرة الله عاكفاً؟
‌ج) سمعت د. سعيد البوطي يقول أن الوجه ليس عورة، ولا يجب تغطيته. وأحببنا التأكد من حضرتكم.
أ) الوسواس نوعان: نوع اعتقادي, والخلاص منه بالاستعاذة بالله تعالى, وعدم مجادلة الشيطان. أما النوع الثاني فهو وسوسة في العبادات, يشكك هل توضأت؟ هل مسحت رأسك؟ هل غسلتَ رجلك أم لا؟
فهذه الأمور, إذا حصلت بعد أن انتهيت من الوضوء, لا تلتفت إليها, وإذا حصلت أثناء الوضوء فلا بد أن تكرر.
ب) معنى القلب العاكف: أن يكون تحت مراقبة الله تعالى, وإلا فإن روح المؤمن الكامل لا تصل إلى الذات, ولا يصل شيء من الذات إلى قلبه كذلك, لكن إذا كان تحت المراقبة: ربي معي, ربي يراني, ربي يراقبني, بهذا تقرب الصفات الإلهية من قلبه, فيثبت الإخلاص في العمل. والعمل إذا كان بدون إخلاص, بل للرياء والشهرة فإنه لا يعدُّ عملاً.
سُلّم الوصول إلى ربنا هو الإخلاص: (وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين).
ج) لا ننكر علمه, لكن لا نتبع هذا القول الذي صدر منه.
علماؤنا الفقهاء يقولون: وجه المرأة ليس بعورة إذا أُمن من الفتنة. هل توجد الفتنة أم لا؟ قطعاً توجد، هذا واحد. والثاني: القرآن الكريم يقول: (وإذا سألتموهنّ متاعاً فاسألوهنّ من وراء حجاب, ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ). هذا الكلام للصحابة الكرام مع أمهات المؤمنين, فكيف حال غيرهم؟ استفتِ قلبك.
لا ننكر علمه, يمكن أن تكون له وجهة لم تتبين لنا، لكن إذا سألته عن بناته فإنّهنّ كلهنّ يغطِّيْن وجوههن.
ما دام يحجّب بناته لِمَ لا يفتي بذلك لبنات المسلمين؟

كلما أحسست بالقرب من الله تعالى أنتكس.
هذا من عدم ثقتك بالمسائل المتعلقة بالاعتقاد. يُفهم من كلامك أنك مقلِّد, إيمان المقلِّد صحيح, لكنه أضعف من الإيمان الحقيقي.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اعبد الله كأنك تراه) هذا مقام الإحسان.
معناه: أنت تحس بالقرب وتنكس.
من يحس بالقرب, لو انحرفت الكائنات كلها عن الدين, هو يثبت.
أما أن حضورك مع ربك يثبت أحياناً, وأحياناً تحصل الغفلة، فهذا من الطبيعة البشرية, ولا يدل على ضعف الإيمان.
و إذا سترتْ الغفلة إيمان المؤمن فهو مؤمن, ولا يقال عن الغافل ليس مؤمناً, بل هو مؤمن. ارجع – إن شئت - إلى كتب الإمام الغزالي, خصوصاً: إحياء علوم الدين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سيدي! هل هناك طريقة تساعدني على حفظ معلوماتي الدينية والمدرسية؟ حيث أنني طالب في الصف التاسع الإعدادي، وإنني أحاول الدراسة، ولكني أشعر بأنني أنسى، وغير متمكن.
أرجو الدعاء وأرجو إعطائي الدواء
اترك النظر إلى الأجنبيات, كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
و أخـبرنـي بـأن العلم نور و نور الله لا يُهدى لعاصي

السلام عليكم ورحمة الله.
سيدي! كيف يمكنني الوصول إلى الإيمان الحق والابتعاد عن المعاصي؟
كيف يمكنني الانتصار على نفسي السيئة والمحافظة على ذكري ووردي؟
أطلب منكم الدعاء لي بالصلاح بالدنيا والتفوق بالجامعة, بأن أكون من الأوائل في كل عام لأن أبي يدفع لي سنويا 100ألف سوري قسط جامعي.
الله تعالى بفضله وكرمه أرسل محمداً المصطفى صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً في آخر الزمان, وبه وبمجيئه ألغى جميع الأديان, وأرسل معه القرآن الكريم, وأمرنا أن نتبعه. فإن أطعناه نهتدي, وإن عصيناه نُعذَّب, إذا لم نتب ولم نرجع.
الإيمان الحق يكون باتباع القرآن وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
إذا أمكن لك ادخل في واحد من الطرق الصوفية, المتصلة بالسند الصحيح, وصاحب الطريق يوصيك بتطهير القلب, فإذا طُهِّر قلبك يصفى بعد ذلك باطنك, وبهذا تثبت لك المعرفة, وإذا حصلت لك المعرفة تخرج من الإيمان التقليدي إلى الإيمان الحقيقي, الذي تكون فيه تحت مراقبة الله جلَّ وعلا, ولا يقع في قلبك غير الله طرفة عين. أو تكون من أهل المشاهدة, أو من أهل الاستغراق. هذه درجات الإيمان.
و إذا دخلتَ الطريق - أي طريق كان, بشرط التمسك بالشريعة - عليك أن تسلِّم وتعتقد أن هذا الطريق متصل برسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولذا قال الإمام الشاذلي - رحمه الله -: نحن نعرف ربنا بدون دليل, يعني يترقون بالتصفية والتطهير, فتحصل لهم المعرفة, فلا يحتاجون إلى دليل.

كيف يقوى اعتقادي بالطريق وبأهل الله؟ عندي اعتقاد بالطريق وبأهل الطريق،كيف أقوي هذا الاعتقاد؟
لا نعرف أي طريق وأي شيخ تقصد.
إذا كان متصلاً بالسند الصحيح.....
و إذا خُدعت بالمدَّعين, فعليك أن تخرج من التقليد.
أولاً لا بد أن تفتش حتى يثبت لك أن هذا الطريق متصل، فإذا ثبت هذا لا بد أن تسلِّم.
تسليمك للطريق دليله الشريعة والسنة النبوية, لا الكشف والكرامة.
الذين سلَّموا ويسلِّمون للإسلام تسليمهم بالاعتقاد, لا بالكشف والكرامة, لكن إذا جاهدوا أنفسهم يحصل لهم الكشف والكرامة.
فعليك أن تفتش أن هذا الطريق الذي تتبعه موافق للشريعة والسنة.
انتهت الأسئلة وجزى الله سيدنا الشيخ أحمد خير الجزاء وجزى الله من بذل جهداً في جمعها وكتابتها ونشرها خير الجزاء والحمد لله وحده وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

اسئلة الإعتكاف عام 1430 للهجرة لسيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي حفظه الله (القسم الأول)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
هذه أسئلة أجاب عنها سيدنا الشيخ أحمد فتح الله جامي مرشد الطريقة الشاذلية خليفة الشيخ عبدالقادر عيسى رحمه الله.أنقلها للفائدة العظيمة من موقع الطريقة الشاذلية الدرقاوية.
س: أجوبتكم في موقع الطريقة مرجعاً لكثير من الصوفية والمحبين عندنا، وسؤالنا لكم: هل دخول الطريقة استعداد فطري أو هي إكرام من الله واجتباء؟
كَوْنُ أجوبتنا مرجعاً، هذا من بركة الطريق وبركة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضل الله علينا، مع اتباعنا للصادقين.
أما جواب سؤالكم: فإذا كان المقصود بالطريق المسائل المتعلقة بمحبة الله تعالى، وتقوى الله عز وجل، واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وإصلاح الشخص، فهذا ليس وهبياً، بل هو اختياري واجب، لكن ذلك لا يخلو من إحسان الله جل وعلا.
على كل حال: الدخول في الطريق واجب على كل مسلم، لأن الطريق هو العمل بالكتاب والسنة، وهذا واجب على المسلمين، كما قال الإمام الغزالي -رضي الله عنه -: الدخول مع الصوفية فرض عين، إذ لا يخلو أحد من عيب أو مرض إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
لا بد للمؤمن من أن يستعمل الجزء الاختياري الذي أعطاه الله إياه.

سيدي ! أبحث عن شيخ رباني، يوصلني إلى الله، يقرب الطريق، ويسهل ما صعب، حين يَكشف عن القلب وما حوى، فيعطيني الدواء، وذاك هو المبتغى، فهل بغيتي عندكم؟
نعم بغيتك عندي. لا نتكلم عن الكشف والكرامة، بل نتكلم عن الأخذ بالشريعة والسنة النبوية، وتطهير القلب، والتهيؤ للواردات الإلهية، حتى تحصل المعرفة بقدر الإمكان وبقدر الاستعداد.
التوجيه هكذا، لكن الهداية بيد الله، ليست بيدي ولا بيد من يَتَّبع.
أما طلبك لمعرفة الله تعالى ومحبته والإخلاص فهذا جيد. أينما كنت فالله يعطيك إن شاء الله.
الذي تطلبه ليس بيدك ولا بيدنا ولا بيد غيرنا، إنما هو بيد الله تعالى، لكن علينا استعمال الجزء الاختياري في مقتضى الإيمان، حتى نصل إلى المراقبة والمشاهدة والاستغراق.

النية برزخ بين العلم والعمل، فإذا كان العلم فاسداً فالنية أفسد والعمل أفسد. ما رأيك بهذا الكلام؟
النية إذا كانت خالصة لوجه الله: (إنما الأعمال بالنيات)، وإذا كان العمل خالصاً لوجه الله تعالى يدخل تحت أمر الله جل وعلا: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين).

أخاف من الموت كثيراً، ولا أحسن تدبر القرآن.؟!
يا أختنا الكريمة ! هذا الخوف ليس طبيعياً ولا دينياً ولا اعتقادياً.
كل من جاء إلى الدنيا - من عهد سيدنا آدم عليه السلام إلى الآن - ذهب بعمله، ونحن كذلك نذهب، فلِمَ تخافين من شيء متعلق بإيمانك؟
أليس ملك الموت بأمر الله جل وعلا؟ فلا بد أن تنقادي لأمر الله تعالى، هذا واحد.
والثاني: رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أكثروا ذكر هاذم اللذات) لأن ذكر الموت في أي شيء دنيوي يقلِّله. هذا نعمة، لأنه يحصل لنا بذلك التقدم إلى الآخرة.
عليك أن لا تهملي صلواتك المفروضة في أوقاتها المعلومة: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتاً)، واقرئي القرآن الكريم بالتدبر، فكما أن آية الموت تأتي، كذلك آية البشارة تأتي، قال تعالى: ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً)، أنتِ منهم إن شاء الله، فلِمَ تخافين ؟
عليك أن تستبشري بخروجك من هذه الدنيا الدنية الضيقة، التي لا تعطي أحداً مراده، بل يبقى مراده في صدره ويخرج من الدنيا، فكيف تتحسرين على هذه؟ الدنيا ضيقة لا تؤدي احتياج الإنسان، والعمر لا يكفي.
يا أختي المحترمة ! الموت جسر بين العبد والرب، يخلص به من هذه الدنيا ودغدغتها، ويصل إلى أرواح الصلحاء في عالم البرزخ، لا أقصد البرزخ الذي بين الدنيا والآخرة، كي لا نرجع، بل أقصد البرزخ المخصص في عالم المثال.
عليك أن تشتاقي إلى رؤية الله جل وعلا.
إن شاء الله أنتِ من أهل الجنة، وترين الله في الآخرة بعد دخول الجنة.
احذري أن تخدعك النفس والشيطان، ويقولان لك: كيف تخرجين من الدنيا؟
أولياؤنا يقولون: إذا مات الإنسان المؤمن تخرج روحه، وتذهب إلى عالم البرزخ، أي عالم المثال، وهناك تجتمع مع أهل البرزخ. إن شاء الله تكونين من الصالحات.
اذكري الله تعالى كثيراً، وإذا كان سنك كبيراً فاذكري وأنت مستلقية، وتفكري أن الله معك بعلمه أين ما كنت.
أظن أن لك والداً أو والدة أو أخوة أو زوجاً قد توفوا، ألا تحبين أن تلتقي بهم؟ محقق إنك تحبين، فإذا خرجت روحك من جسدك يُرفع بها إلى عالم الأرواح، عالم المثال، وهناك تتنعم وتتحرك بإذن الرحمن جل وعلا كما تشاء، وتلتقي بمن تشاء.
عالم البرزخ المثالي ليس كعالم البرزخ المخصص للكافر، الذي هو سجن له، يمنعه من الرجوع إلى الدنيا، ويعذب فيه إلى يوم القيامة.
عالم البرزخ للمؤمن نوع من الجنة، فكيف تخافين من الموت؟
نرجو الله تعالى أن يقوي إيمانك بالآخرة، وبرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يشفعه ربنا فينا وفيك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

السلام عليكم ورحمة الله. سؤالي: أريد أن أعرف عند ذكر لا إله إلا الله هل يتحقق الخشوع عند هز الصدر مع النطق بالهاء أم يتحقق بغيره، أي بالتفكر بالألوهية، وبأن الله معنا ويرانا؟
فأنا بصراحة لا أستطيع التركيز في الذكر عندما ألمح بعض المريدات تنتابهم حالة من الهز الشديد مع الذكر. وأرجوكم إذا كان الخطأ فيني أن تفيدوني ماذا أفعل.

الأمر الثاني حسن، نتفكر أثناء الذكر بأن الله معنا ويرانا، ومع هذا عليك أن تتلفظي بكلمة النفي وكلمة الإثبات، مع تسكين الهاء الأولى، فلا تقولي (لا إلهَ) بل قولي (لا إلهْ) (إلا الله). لفظ ( الله ) مثل الصمصام /السيف/، يقطع ما سوى الله جل وعلا.
ما معنى التصوف السلوكي؟ وهل هو لازم على كل مسلم؟
السلوك له شقان:
شق ضروري: وهو ما جاء من عند الله على مراد الله، وما جاء من عند رسول الله على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مجملاً ومفصلاً.
علماء الشريعة - رضي الله عنهم - قائمون بهذه الأحكام الضرورية، ويدخل في ذلك علم التوحيد.
علم التوحيد يعتمد إما على تطهير القلب وتصفية الباطن، وإما على الأدلة الشرعية التي يقوم بها العلماء المتكلمون- رضي الله تعالى عنهم -.
أما الشق الثاني - وهو قسم التصوف السلوكي -: فهذا متعلق بالباطن، ويقوم به علماء التصوف، مع اعتمادهم على الشريعة والسنة النبوية؛ فهم بدون تركٍ وبدون فكٍّ عن الشريعة والسنة النبوية يقومون بتطهير القلب. وهذا يتشعب؛ فمنهم من يوجهون إلى الزهد، ومنهم من يوجهون إلى تطهير القلب حتى يحصل الإيمان بالمراقبة أو المشاهدة أو الاستغراق.
ليس عندنا وقت الآن لنبين لك هذه الأقسام، وإن أردت الاطلاع عليها فارجع إلى شرح جوهرة التوحيد للباجوري أو الصاوي.
الشق الأول قلنا: لا بد منه بالضرورة، والشق الثاني هو كذلك ضروري عند أهل الله، لأنه إذا لم يتطهر الباطن لا يستقيم الظاهر.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو أن ترشدوني إلى كتاب يشرح العقيدة الصحيحة المعتمدة لدى ساداتنا العلماء، فأنا مقيم في المملكة العربية السعودية، وأسمع كلاماً كثيراً في العقيدة، لم آلفه ولم يقبله عقلي؛ مثل: إن الله في السماء، وإن له يداً ورجلاً، وإنه ينزل ويهرول ويمل، ولا أعرف كيف أرد على من يقول بهذا الكلام؟ فأرشدوني جزاكم الله خيراً.
عليك أن لا تجادلهم، عقيدة أهل السنة والجماعة: أن النصوص التي جاءت في القرآن الكريم تذكر اليد والجوارح كلها مؤولة، بتأويل أهل السنة والجماعة، لا بتأويلات أهل الضلالة. وأوَّلُ من أوَّلَ هم المفسرون.
اقرأ شرح جوهرة التوحيد للباجوري: وهو عالم فقيه شافعي المذهب، أو شرح الصاوي: وهو من علماء أهل السنة والجماعة كذلك، مالكي المذهب.
مثلاً: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة النصف من شعبان: (...ينزل ربنا إلى السماء الدنيا...)، هذا النزول والمجيء والحركة والارتفاع كله مؤول، لأن هذه من صفات المحدَثات، والله تعالى منزه عن كل ذلك.
عليك أن لا تبيع اعتقادك بالفلوس في السعودية. عليك أن تحفظ اعتقادك، ولا تتبعهم، ولا تجادلهم. وأهل السنة والجماعة هناك كثير، فالْتَقِ بهم.

السلام عليكم مولانا أحمد. وجدت كثيراً ممن يدعي الإسناد والإجازة، من شيخكم القطب الكبير عبد القادر عيسى، ولكن قلبي يحدثني أنكم مَنْ صَحَّ سندُه.
ما حكم الشرع في المدعين؟
حكم الشرع أن نعتمد على السند الصحيح، بإجازة كل واحد ممن قبله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبدون إجازة صحيحة لا تصدِّق أحداً، لأننا إن صدقناهم نقع في الخيانة.

وهل سلوك الطريقة عند حضرتكم يتخلله عروج وخروج ولقاء وفناء وبقاء؟
نعم، هذا موجود في طريقتنا، ونحن لا نخرج عن آداب الطريق، وقد دخلنا في الطريق بهذه الأمور، لكن كل هذه الأمور متعلقة بالشريعة. والخلوات لها أصل شرعي، فهي مأخوذة من خلوة الرسول صلى الله عليه وسلم في غار حراء.
وهل من بقي مدة ولم يحصل هذه الأمور دليل عدم صدقه؟ واستغفر الله من الإساءة، واطلب الدعاء.
لا، ليس هذا دليلاً على عدم صدقه، لأن الإنسان الذي يشتغل في الطريق ويحصل له حضور تام مع الله تعالى، لكن ليس له استعداد، فلم يُفتح عليه، يبقى سالماً. وهو أفضل من الذين تحصل لهم الكشوفات والمغيبات وغير ذلك. يعني: الدليل هو الشريعة والسنة النبوية؛ فمن كان مع الشريعة والسنة فهو سالم.
لا ننـزعج من أسئلة الطريق، فهذا حق الطريق وحق الشريعة والسنة.

سيدي ! أحيانا أجد الإقبال بكلي إلى الله
الله جل وعلا في كل أحوالك معك بعلمه، فعليك أن لا تنسى قرب علمه منك.
حضورك لا يهم، بل عليك أن لا تنسى قرب علمه منك.


في بعض الأحيان أشعر بالكسل والإهمال والتهاون في قراءة الورد، وأختصره إلى أقل ما يمكن، كمثل قراءة الفاتحة مرة واحدة.
أنتَ وعدتَ، وقلتَ: إني بايعت على أن أقرأ الأوراد الشاذلية. وأنت تعرف يقيناً ماذا يحصل لمن ترك البيعة.
سيدنا الشاذلي - رضي الله عنه - يقول: من ترك أوراده المعيَّنة يكون فاسقاً، فلا بد أن يتوب ويرجع، ويقرأ أوراده من جديد.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي الشيخ ! أعرف أن طريقتكم هي أفضل الطرق للوصول لله عز وجل ونيل رضاه، وأشعر بقلبي يوماً عن يوم بعظمة الله عز وجل بداخلي، وأريد أن أكون ممن يعيشون لخدمة الإسلام، وابتغاء لمرضاة الخالق، لكن الظروف التي أنا فيها تمنعني من ذلك، فالجو المحيط بي لا يشجعني، إضافة أنه ما زال في قلبي حيرة من ترك الدنيا والإقبال على الله، وأحيانا أقنع نفسي بأن المهم أن لا يمسني عذاب جهنم، وأرضى بالقليل من عطاءات الله يوم الحساب، مع أني أفكر دائماً كيف أسعى وراء الدنيا، ولا أرضى بقليلها، وأنني سأرضى بقليل من كرم الله عز وجل في الآخرة، حتى إن صلاتي متقطعة، ويفوتني كثير من الفرائض.
سيدي أرجو أن تدلني على الطريق الذي يدخل في قلبي القناعة التامة (مع أني مقتنع)، ولكن بالأحرى الدافع لنبذ الدنيا، والإقبال على الله عز وجل.
أرجو الدعاء منكم سيدي
أرجو إرسال الجواب على الإيميل المذكور لكي لا يفوتني، وجزاكم الله كل خير
عليك أولاً أن لا تنسى الموت، فإنه يمكن أن يأتيك فجأة قبل أن تصل إلى بغيتك.
مادامت الدنيا مقدَّمة عندك على الآخرة فإنك بهذا تخالف قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (...فآثروا ما يبقى على ما يفنى). واذكر قول الله تعالى: "وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور"، فإذا لم تتعظ بكلام الله ماذا أقول لك؟
الموت يفكك عن الدنيا، فلا تغتر بخيالات النفس.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أطلب منكم المدد حتى أتقوى على نفسي وشيطاني، علموني كيف أتخلص من أكدار هذه الدنيا، وأشكركم على هذا الموقع الجميل.
أوصيكم - مع المحافظة على الصلوات المفروضة في أوقاتها المخصوصة - أن تقرؤوا القرآن الكريم بالتدبر. وكلما مرت آية رحمة اطلبوا من الله، وكلما مرت آية عذاب استعيذوا بالله.
مع التفكر أنك تقرئين بين يدي الله تعالى، علماً أنه ليس له يد، وهو منـزه عن جوارح المحدثات، لكنه يسمع.
وأكثري من ذكر الله تعالى، فإن كانت طريقتك نقشبندية عليك أن تذكري لفظ الجلالة بذكر القلب، علقي لسانك بسقف فمك، وقولي بقلبك/ الله/، وتفكري أنه يسمع منك لفظ الجلالة.
وإن كنت شاذلية فأكثري من قول / لا إله إلا الله /، فقد قال بعض العلماء: ذكر / لا إله إلا الله/ توحيد، وهو أفضل من ذكر لفظ الجلالة / الله/.

السلام عليكم: إني أبحث عن مرشد كامل، هل الآن في الطريقة الشاذلية مرشد كامل يقتدى به في أمور السلوك والطريق إلى الله؟ أجيبوني بالله عليكم.
المرشد الكامل لا يكون بقولي ولا بقولك، كمالية الإنسان بالشريعة والسنة النبوية.
أنتَ تريد أن أمدح نفسي، فهذا ليس لائقاً، ولست أهلاً للمدح. لكن الإذن بالإرشاد ممن قبلي موجود، وأنا أعمل به بقدر ما رزقني الله جل جلاله من الإمكان.
وأرجو الله تعالى أن لا يسألني يوم القيامة عن المخالفات، وأن يحفظني في الدنيا عن مخالفة هذا الإذن.
المأذون في ضمان الله وضمان رسول الله وضمان أسياد الطريق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

سيدي ! نحن نحبكم، ولكن نحن مقصرون، فما العمل؟
واللهِ إني كذلك مقصر، نرجو الله تعالى أن يعفو عن تقصيرنا وتقصيركم، وقصورنا وقصوركم، وأن يعاملنا برحمته وبفضله لا بعدله.
لكن أنتم تعلمون آداب الطريق، فلا بد أن لا تتركوا أورادكم الصباحية والمسائية لأجل شؤون الدنيا.
ترك الأوراد المعلومة لا يكون سبباً لجلب منفعة الدنيا، بل على العكس يكون ضرراً.
عليكم أن تذكروا الله كثيراً، ولا تيأسوا من رحمة الله، لكنه قيَّد رحمته فقال: "إن رحمة الله قريب من المحسنين".

هل يجوز أن أدعو بهذا الدعاء: (اللهم سخر لي روحانية وخدام بسم الله الرحمن الرحيم، ليكونوا لي عوناً ومطيعين ومسخرين في كل وقت وحين، لقضاء جميع حوائجي، بعد قراءة البسملة 1000مرة)؟
لا، ادعُ بالدعاء المأثور. والأدعيةُ المأثورة مشهورة ومعلومة.
وإذا أحببتَ أن يُقبل دعاؤك فادعُ بالاسم الأعظم، وهو لفظ الجلالة، بشروط الإجابة المخصوصة. من الشروط المخصوصة: أكل الحلال، والدعاء ما بين الأذان والإقامة، وفي ساعة يوم الجمعة (إما بعد العصر أو بين الخطبتين).
فإذا أراد الله أن يَقبل يَقبل، لكن الإنسان مأمور بالدعاء: (ادعوني استجب لكم)، هذا أمر إلهي قطعي، لكن قبول الدعاء متعلق بذات الله الكريمة جل وعلا، وليس متعلقاً
كيف يمكنني التخلص من النظر إلى ما حرم ربي؟
عليك أن تستحيي من ربك جل وعلا، فأنت تؤمن بصفات الله جل وعلا، إحدى هذه الصفات الجليلة (البصر).
بصر الله تعالى ليس كبصرنا، فهو منـزه عن بصرية الحوادث. بصريته جل وعلا دفعة واحدة، يرى كل ما في الكون، سواء تحت الجبوب ( الآبار )، سواء في القلوب، سواء في السماء، سواء في الأرض، وعلمه كذلك.
فإذا حصل لك ذلك بإيمانك قل لنفسك: ربك ينظر إليك، وأنت تنظر إلى الأجنبيات!
أولئك الأجنبيات إما بنات المؤمنين وإما زوجاتهم، والله تعالى يقول: "إنما المؤمنون إخوة"، فأنت تخون بزوجات إخوانك أو بناتهم.
أما إذا حصل لك نظرة أولى، فاستغفر الله تعالى، ونرجو الله أن لا تكون عليك، أما النظرة الثانية والثالثة فإنها عليك.

ما حكم إيصال زوجي بواسطة السيارة لأقربائي المحارم المؤقتة بالنسبة له أو غير المحارم أو حتى زوجات أصدقائه، مع العلم أن وجوههن لا تخلو من التبرج، ولباس بعضهن ليس له علاقة بالحشمة، مع أن زوجي يحرص كل الحرص على غض البصر؟ وسؤالي هو ما أسلوب من يطلب الورع في هذه القضية.
هذا خلاف الشريعة ولو كان قريب المسافة، لهؤلاء النساء ولزوجك كذلك. أما إذا كانت المسافة بعيدة فإنه بطريق الأَوْلى لا يجوز.
ما هو اسم الله الأعظم؟
اسم الله الأعظم - لا نقول بيقين - لكن اتفق أكثر العلماء على أن الاسم الأعظم هو لفظ الجلالة / الله /، مستقلاً أو مرتبطاً بما بعده، كما في قوله تعالى: "الله لا إله إلا هو الحي القيوم".
هذا هو أصح الأقوال عند أهل الحق: لفظ الجلالة، إما مرتبطاً بما بعده أو غير مرتبط. لكن بالتعيين لا نقول شيئاً.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله كل خير.
اعذرني على جهلي، ولكن أسأل فضيلتكم:
‌أ) هل وصى الرسول عليه الصلاة والسلام باتباع الطرق؟
‌ب) وماذا لو لم أتبع أحد الطرق؟ هل يُعدُّ هذا تقصيراً في العبادة؟ وهل هذه الطرق تدخل في مجال الدعوة لله عز وجل، وتكون هذه الدعوة لإصلاح النفوس والمجتمع الإسلامي وحسب وإنما لجميع الناس؟
‌ج) وهل جهاد اليهود أفضل أمن يعبد الله بعيداً, أم يعبدون الله بعيدين عن الحروب واعتذر لكم عن جهلي في أسئلتي.
وأسأل الله العلي القدير أن يهدينا ويهدي كل المؤمنين لمزيد من الإيمان والتقوى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
أ‌) هذه الوصية أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا علياً رضي الله عنه، وأعطاه البيعة، وسيدنا علي أعطى أولاده وذريته، ومن هنا جاء طريق الشاذلية.
وهناك طريق آخر أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي بكر رضي الله عنه، وهو أعطى لمن بعده.
وكل الطرق المتصلة في الدنيا جاءت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت حتى وصلت إلى سيدنا الشيخ عبد القادر الجيلاني - رضي الله عنه -.
لا نعرف بأي شيء تعلق عقلك - ولو استعذرت عن جهلك -.
هؤلاء المأذونون من الجيلاني - قدس سره - إلى الآن، هؤلاء الأقطاب والأبدال والأولياء، كيف يوجهون المؤمنين إلى ما لم يوجه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم! معناه استعذارك حق.
ب) إذا تمسكت بالشريعة والسنة النبوية فأنت على الحق باتباع أهل السنة والجماعة.
أما إذا سألتَ عن النقص، فنقول لك: من عرف نفسه عرف ربه، وتطهير القلب ومعرفة الله تكون أكثر في الطرق.
لكن الإنسان المؤمن الموافق للكتاب والسنة يدخل الجنة بدون طريق، ولا يدخل الجنة بدون إيمان.
ج) لكل حال مقال؛ فإذا استولى الكفار على مملكتك صار الجهاد واجباً عليك، فرض عين عليك حينذاك أن تجاهد الكفار، أما إذا كانوا بعيدين عنك فإن الجهاد في حقك فرض كفاية.


سادتي القائمين على الموقع ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل الشيخ أحمد فتح الله الجامي - حفظه الله - يعطي بيعة محبة وتبرك أم بيعة عهد فقط؟ فلو كانت الأولى فأنا أطالبكم بها مأجورين.
الشيخ – حفظه الله – يعطي بيعة عهد فقط.
أما المحبة بين جميع من قال /لا إله إلا الله محمد رسول الله/ فهي شرط بين المؤمنين. كل من قال: لا إله إلا الله هو أخونا.
أما بيعة العهد فلا بد فيها من التربية، يعني أن يأخذ الإنسان بأمر من يبايعه، وإذا خالف الطريق يخرج.

إذا كان المريد محباً لشيخه، وطاعاتُه قليلة، هل يعتبر من المحبين لشيخه؟
إذا أدى الإنسان ما فرض الله عليه، وتمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم بقدر الإمكان؛ يعني: الإنسان يمشي في الأرض ويأكل وينام ويتزوج ويعامل الناس، فإذا كان في كل ذلك موافقاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو متمسك بالسنة، ويعتبر من المحبين، بشرط أن لا ينقص في التمسك بالشريعة والسنة النبوية.
وإذا حصل التقصير في الفرائض يكون عاصياً، وإذا حصل في السنن يكون تاركاً للسنة.
عليه أن يأخذ بالعزائم بقدر الإمكان.

أ‌) هل لا بد لكل إنسان أن يتبع شيخاً مربياً؟
ب‌) وكيف يصل إليه؟
أ‌) كما قال الإمام الغزالي - رحمه الله -: الدخول مع الصوفية فرض عين. لأن الإنسان لا يطلع على عيوبه بنفسه، فإذا دخل الطريقَ يدلُّه شيخه على عيوب نفسه، وهو يتَّبعه، فإذا اتبعه وترك المخالفات لا يقول: إني تركت المخالفات، فيحصل الغرور، بل يقول: شيخي وجَّهني وأنا اتبعت، من فضل الله وببركة شيخي، فلا يغتر. هذه فائدة الطريق، وفائدة الشيخ المربي.
وكما قال الإمام الغزالي، فإن دخول الطريق فرض عين.
أما من يتكبر في نفسه – نعوذ بالله – وينـزعج ولا يرضى باطلاعه على عيب نفسه، فهذا خارج من البين.
ب‌) حق الشريعة أن الإنسان إذا أراد أن يصل إلى من كان من أهل الطريق أن يدور حتى يطَّلع عليه، فإذا اطلع عليه لا بد أن يراقبه، هل هو موافق للشريعة والسنة النبوية، ولا يوجِّه الناس إلى نفسه، بل يوجههم إلى الله؟ وهل يريد إصلاح المسلمين، ولا يمصُّ دماءهم، ولا تعدو عيناه إلى ما في أيديهم؟ فإن كان كذلك فهو موافق، عندئذ يتبعه.

كيف أعرف الشيخ المربي؟
تَعرف الشيخ المربي بموافقته للشريعة وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبسيرته بين المؤمنين، نقصد بسيرته: هل يوجِّه الناس إلى نفسه، أو مقصده أخذ ما في أيديهم؟ هذا كله مخالف، أم أنه يرجِّح إصلاح من يتبعه موافقاً للشريعة السنة النبوية؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي وأستاذي الشيخ أحمد فتح الله جامي! حفظكم الله ونفعني الله بكم.
سيدي ذكرتم في الدرر البهية، درة رقم (378):
إذا خلت القلوب من الموهومات والمعلومات، وخلى السر عن المعتادات والمعهودات، يرد الاسم الأعظم.
كيف يكون ذلك؟ وما هي الموهومات والمعلومات؟
نفعني الله بكم وحفظكم الله تعالى.
المعلومات: هي المعلومات الدنيوية، التي تتعلق بغير الله.
والموهومات: هي الأوهام، فإذا أغمض الإنسان عينيه يأتي على قلبه خيالات وأوهام، فإذا فتح عينيه لا يرى شيئاً.
ولكي تتخلص من هذه الأمور، عليك أن تربط قلبك بالله تعالى، حتى يثبت قلبك على الذكر. ومع وجود الشواغل عليك ألا تترك الذكر، فالذكر مع الغفلة أفضل من ترك الذكر.

السلام عليكم. سيدي ! إني عاجز عن شكركم، لأن مددكم وفيضكم عني لا ينقطع. واللهِ كلما وقعت في أزمة تنشلوني منها، كالأم التي تقود طفلها وتقوِّمه كلما يقع. وأراكم في منامي مرات كحالي، كلما أقصر أرى عدم الرضا منكم في المنام.
أجد أنكم معي دون تكلف، كملازمة الحديد للمغناطيس.
أبكي أحيانا لعجزي عن الشكر
أرجو المغفرة. والسلام.
واللهِ هذا المدد ليس من أحمد، بل هو من صدقك مع الطريق، لأن الأمور كلها مقيَّدة بأمر الله تعالى، فإذا جاء شيء من الله يوزَّع بقدر الصدق، فيأخذ كل واحد حصته بقدر صدقه. عليك أن تشكر الله تعالى.
كلما حصل معك بعض الأمور اقرأ الفاتحة لأهل النوبة، يعني: الأولياء الكُمَّل، المأمورين بقضاء احتياج المسلمين.
وإذا أردتَ الاتصال بنا فاكتب في هذا الموقع.

ما رأيكم بأن يسلك الإنسان إحدى الطرق‎ ‎الصوفية كالنقشبنديه العلية‎، أو الشاذلية، علماً أنه موجود هنا من يلقننا الطريقة، وما هي أصح الطرق وجزاكم الله خيراً.
الطريقة النقشبندية إذا كانت متصلة بالسند الصحيح فهي صحيحة, وإذا توفي الشيخ وسلّم الطريق لأحد أولاده, فإن كان موافقاً للشريعة والسنة النبوية فهذا جيد, وإلا فلا.
أما في الطريقة الشاذلية، فإنه ليس معيَّناً أن يعطي الشيخ لأولاده أو لمن يحبه, بل بحسب اجتهاده أو بالإشارات, يعطي لمن ثبت عنده.
وبالإجمال: كل الطرق صحيحة، إذا كانت متصلة برسول الله صلى الله عليه وسلم, وموافقة للكتاب والسنة.

بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز الاستنجاد بغير الله؟ قال تعالى: (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك من الظالمين).
نعم يجوز, لكن بشرط أن يعتقد يقيناً أن جميع الأمور المثبَتة والمنفية كلها متعلقة بالله تعالى.
فإذا كانت نيته أن الله تعالى يحب بعض عباده أكثر من بعض, ولذا فإنه يجعل واحداً من الأولياء واسطة بينه وبين الله تعالى، فهذا لا مانع منه.
وإذا شككت في موضوع التوسّل والاستمداد, فاقرأ كتاب /محق التقوّل في مسألة التوسّل/ للشيخ محمد زاهد الكوثري.
الذين يمنعون ذلك هم قسم من غير أهل السنة والجماعة, أما نحن فنتكلم عن اعتقاد أهل السنة والجماعة, فكما أنه في الآخرة توجد شفاعة - بعد الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام – للعلماء والصلحاء, فكذلك في الدنيا, الاستنجاد بهم جائز.
أهل السنة والجماعة لا يمنعون ذلك منذ القديم, أما إذا رأيت من يمنع الاستغاثة بالأموات، ويستشهد باستغاثة سيدنا عمر رضي الله عنه بسيدنا ابن عباس، فإن دليله واهٍ.
وقد قيّدنا أولاً بأن يعتقد أن كل شيء بأمر الله جل وعلا, لكن الذين يحبون الله ويحبهم الله, كما قال تعالى: ( يحبهم ويحبونه ), وقال أيضاً: (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم..... رضي الله عنهم ورضوا عنه )، فهؤلاء - ما دام الله رضي عنهم - مقبولون عنده تعالى.
رضي الله عنهم بصدقهم, ورضوا عنه بإعطاء الإنعام الأخروي والدنيوي.

أ‌) كيف أعرف إذا كان الشيخ لا يدَّعي؟
ب‌) وما رأيكم بالطريقة الشاذلية اليشرطية؟
أ‌) نعرفه بموافقة الشريعة والسنة النبوية, فإنه من المحقق أن من اتبع شيخ طريق يطلع على أموره, ومن لم يدخل الطريق يعلم ممن هم في طريقته، ويسمع منهم, هل هو من أهل الادعاء أم من أهل الحقيقة.
ب‌) نحن بريئون من الطريقة اليشرطية، وهم بريئون منا.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي وشيخي الجليل ! أطال الله عمرك، الرجاء أن تبين لي إذا تكرمتم الفرق بين الحمد والشكر. وجزاكم الله عنا كل خيراً.
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أحياناً يطلق الحمد على الشكر، وأحيانا بالعكس, لكن الشكر غالباً بمقابل النعم, أما الحمد فإنه ليس مقيَّداً بمقابلة النعم.
وإذا أردت التفصيل فارجع إلى كتاب: /نتائج الأفكار شرح الإظهار/ في علم النحو, فإنه في أول الكتاب يفرِّق بين الحمد والشكر.
أو ارجع إلى كتاب: /الجامي/ مؤلفه عبد الرحمن الجامي.
وكتب الفقه والتفاسير تبين ذلك أيضاً.
السلام عليكم
أ‌) ما هي الوسيلة لتعلم الطريقة الموصلة إلى الحقيقة؟
ب‌) ألا يوجد تعلم بدون معلم؟ وإلا فنورونا.
أ‌) بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. يا أخي الكريم! أنت لم تدخل الطريق, ولم تفهم معنى الطريق, فكيف أجيبك عن الطريقة الموصلة إلى الحقيقة؟
إذا وجدتَ خادم طريق متعلقاً بالكتاب والسنة، وتمسكتَ به، تصل إلى رضا الله.
رضا الله في الدنيا متعلق برسول الله, وبالشرع الذي بلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإذا كان الإنسان موافقاً لذلك يكون سبباً لرضا الله عنه، وسبباً لخلاصه, كما قال ربنا جل وعلا: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله.....)، هذا هو طريق الوصول إلى الله. يعني: الذي يتعلق بالشريعة والسنة النبوية يحصل له رضا الله تعالى.
الذي لم يدخل الطريق ليس لنا أن نقول له: افعل هكذا, ولا تفعل هكذا، أما بعد أن يدخل الإنسان في الطريق فإن خادم ذلك الطريق يأمره ظاهراً بأحكام الشريعة، التي كُلِّف بها المؤمنون, ويوجِّهه إلى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم, وإلى الأخذ بالعزائم قدر الإمكان. والحمد لله رب العالمين.
ب‌) إذا وجدتَ واحداً مأذوناً ممن قبله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فهذا دليل صحة هذا الطريق, والموصول بالموصول موصول، والذي يكون موصولاً بالموصول يخلص من الحظوظ النفسانية, لأن الإنسان لا يطَّلع على عيوب نفسه بنفسه, فلا بد له ممن يدله على عيوب نفسه. التعلم بدون معلم يمكن, فالعلم اللدني موجود، لكن مصدره التقوى. من اتصف بالتقوى يعلمه الله علم ما لم يعلم: (واتقوا الله ويعلمكم الله).

ما هو أصل هذه الطريقة؟ وما هي مرتكزاتها؟
قواعد هذه الطريقة: الأخذُ بالشريعة والسنة النبوية, ومن قواعدها العملية: الأخذ بآداب أسيادنا, من قراءة القرآن, وكثرة الذكر, وترك المناهي, والتوبة والاستغفار والرجوع إلى الله, والأخذ بالعزائم.

أ‌) هل انشغال القلب والفكر بالموت وما بعد الموت دائماً - مما يشعرني باليأس في بعض الأحيان - ممدوح أو مذموم؟ وما هو العلاج؟
ب‌) من المعلوم أن الزوجة لها دور كبير في مساعدة زوجها على طاعة الله، فما هو العلاج إذا كانت الزوجة هي سبب المشاكل في الأسرة؟ وخاصة إذا كانت تكذب على زوجها، ولم يعد الزوج يثق بزوجته.
أ‌) يأسك مخالف لتفكرك في الموت وما بعد الموت. هل يأسك من عملك، أم يأسك من رحمة الله جل وعلا؟
الأول: لا بد له من توبة واستغفار ورجوع إلى الله تعالى.
أما الثاني: فلا تقنطوا من رحمة الله.
تفكرك في الموت وفيما بعد الموت لا بد أن يقوي إيمانك, وأنت تقول: يسبب اليأس. هذا ضد هذا. رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أكثروا ذكر هاذم اللّذات ).
الآن في هذا المجلس يوجد من يعرفك, قالوا: هو مجاز من كلية الشريعة, فهل وجدتَ في الكتب أن التفكر بالموت مذموم, هذا شيء ما قاله الله ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ب) إذا لم يعتمد الزوج على زوجته, ولم تعتمد الزوجة على زوجها، تكون الحياة فيما بينهم جهنمية, لكن تحمُّل أخلاق النساء من شؤون الرجال الكُمَّل, كلما تحمَّل أخلاقها يُثاب على عمله وعلى أخلاقه, غيرَ موضوع الخيانة, فإذا ما حصل للزوج شك في خيانة زوجته وتحمَّل ذلك ينقص إيمانه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل الانتساب إلى الطرق أمر واجب على المؤمن والمؤمنة، أم هو من باب الاستحسان؟ و جزاكم الله خيراً. و السلام.
إذا قلنا: إن الذي يدخل الطريق يتمسك بالشريعة والسنة النبوية, ويهرب من المنهيات التي حرمها الله والتي حرمها رسول الله بالكلية, فهذا واجب على كل مسلم, وليس من المستحسنات.
وأما إذا أراد الإنسان أن يكون - مع هذا - عبداً شكوراً خالصاً لله تعالى, فإن عليه أن يتبع طريقاً موصولاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وخادم ذاك الطريق موافق ومعلق بأمر الشريعة والسنة النبوية, ويوجِّه من يتبعه إلى الله لا إلى نفسه, ولا يجعل الطريق آلة لحطام الدنيا. وهذا أيضاً واجب، حتى إن بعض العلماء يقولون: الدخول في الطريق فرض عين, لأن الإنسان لا يطَّلع على عيوب نفسه بنفسه.
يتبع إن شاء الله ببقية الأسئلة في المقال التالي

الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009

انظر بيان الكذب المدسوس في كتب السادة الصوفية رحمهم الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاةوالسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه:
معلوم لدى كل باحث في العلوم الدينية أن أكثر الكذب يكون على العظماء من الناس وعلى رأسهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ،ثم يليهم الأولياء رضي الله عنهم .
وقد كذب الأفاكون على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأشياء دسوها في السنة النبويىة الشريفة ،حتى بلغت المئات من الكذبات عليه صلى الله عليه وسلم.
ولكن بحمد الله تعالى فقد قيض الله من علماء الأمة من يكشف هذه الأكاذيب ثم تم تدوينها وجمعها في مؤلفات خاصة حتى ألف العلماء في ذلك كتباً كثيرة منها :كتاب الآلى المصنوعة للحافظ السيوطي وكتاب تنزيه الشريعة للإمام ابن عراق الكناني ،وكتاب المصنوع في معرفة الحديث الموضوع للملا علي قارىء.فهذه الكتب بينت كم دس على النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب .
وكذلك حصل لورثته من بعده من أولياء الله تعالى فدس في كتبهم وكذب الفجرة عليهم ،ولا غرو في ذلك فلا شك أن أشد الناس ابتلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ولا أن أمثا الناس بعد الأنبياء هم الأولياء .
قال سيدنا الإمام عبدالقادر عيسى رحمه الله تعالى في كتابه حقائق عن التصوف تحت عنوان الدس على العلوم الإسلامية ص400ما نصه:
وأما التصوف: فكغيره من العلوم الدينية، لم يَسْلم من الدس والتحريف من هؤلاء الدخلاء والمفترين.فمنهم من أدخل في كتب الصوفية أفكاراً منحرفة، وعبارات سيئة ما أنزل الله بها من سلطان، كقولهم:وما الكلبُ والخنزيرُ إِلا إِلهنا وما الربُّ إِلا راهبٌ في كنيسة{كَبُرَتْ كَلِمَةً تخرُجُ مِنْ أفوَاهِهِمْ إنْ يَقُولونَ إلا كَذِباً} [الكهف: 5].ومنهم من أراد أن يفسد دين المسلمين بأشياء أُخر تمس عقائدهم ؛ فنسب إِلى بعض رجال الصوفية أقوالاً تخالف عقيدة أهل السنة ؛ كالقول بالحلول والاتحاد، وبأن الخالق عين المخلوق، والكون عين المكوِّن.ومنهم من حاول تشويه تاريخ رجال الصوفية، ونزع ثقة الناس بهم، فدَسَّ في كتبهم حوادث وقصصاً من نسج خياله، فيها ارتكاب للمنكرات واقتراف للآثام والكبائر، كما نجد ذلك كثيراً في الطبقات الكبرى للإِمام الشعراني رحمه الله تعالى، وهو منها بريء كما سيأتي.ومنهم المبشِّرون والمستشرقون، وأبواق الاستعمار الذين درسوا كتب السادة الصوفية، وكتبوا عنهم المؤلفات لأجل التحريف والتزوير والدس، يقصدون بذلك أن يطعنوا الإِسلام في صميمه، وأن يسلخوا روح الدين عن جسده، ولقد خُدع بهم أقوام أرادوا أن يفهموا التصوف من كتب هؤلاء المستشرقين، كأمثال [نكلسون الإِنكليزي، وجولد زيهر اليهودي، وماسينيون الفرنسي وغيرهم]، فوقعوا في أحابيلهم، وتسمَّمُوا من أفكارهم، وانجرفوا في تيار محاربة الصوفية. ولا أدري كيف يثق مسلم صادق بأقوال عدوه المخادع الماكر ؟ ومنهم السُّذَّجُ الذين يصدقون هؤلاء وهؤلاء، فيعتقدون بهذه الأمور المدسوسة ويثبتونها في كتبهم. وكل هذا بعيد عن الصوفية والتصوف.
فإِن قال قائل: إِنَّ ما نسب إِلى الصوفية من أقوال مخالفة هي حقاً من كلامهم بدليل وجودها في كتبهم المطبوعة المنشورة.نقول: ليس كل ما في كتب الصوفية لهم ؛ لأنها لم تسْلم من حملات الدس والتحريف. وما أحوجنا إِلى تضافر جهود المؤمنين المخلصين لتنقية هذا التراث الإِسلامي الثمين ممَّا لحق به من دس وتحريف.
ولو ثبت بطريق صحيح عن بعض الصوفية كلام مخالف لحدود الشريعة فنقول: ليست كلمة فرد واحد حجة على جماعة، شعارها ومذهبها التمسك بالكتاب والسنة. حتى إِنهم ليقولون: إِن أول شرط الصوفي أن يكون واقفاً عند حدود الشريعة، وألا ينحرف عنها قيد شعرة. فإِذا هو تخطى هذا الشرط، ووصف نفسه بأنه صوفي، فقد اختلق لنفسه صفة ليست فيه وزعم ما ليس له.وإِن من إِضاعة الوقت الثمين الانشغالَ بمثل هذه التُّرَّهَات والأباطيل المفتراة على هؤلاء القوم في هذه الأوقات التي يوجد ما هو أهم من المجادلة بها، فهي معروفة لدى الصوفية المحققين والعلماء المدققين. وعلينا أن نعرف أن التصوف ليس علماً نتلقاه بقراءة الكتب ومطالعة الكراريس، ولكنه أخلاق وإِيمان، وأذواق ومعارف، لا ينال إِلا بصحبة الرجال، الذين اهتدوا بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وورثوا عنه العلم والعمل والأخلاق والمعارف. وهو علم ينتقل من الصدر إِلى الصدر، ويفرغه القلب في القلب.وهناك أقوام مغرضون، درسوا كتب السادة الصوفية وتتبعوا ما فيها من دس وتشويه وتحريف واعتبروها حقائق ثابتة، وارتكزوا عليها في حملاتهم العنيفة وتهجماتهم الشديدة على السادة الصوفية الأبرار. ولو أنهم قرأوا ما يعلنه رجال التصوف في جميع كتبهم من استمساكهم بالشريعة واعتصامهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتقيدهم بالمذاهب الإِسلامية المعتبرة، وتَبَنِّيهِمْ عقيدة أهل السنة والجماعة، كما بيناه آنفاً في بحث بين الحقيقة والشريعة، لأدركوا تماماً أن ما ورد في كتبهم مما يناقض هذا المبدأ الواضح والمنهج السوي، إِنما هو مؤول أو مدسوس.وإِليك بعض أمثلة الدس المفتراة على الصوفية والعلماء في كتبهم:يقول ابن الفراء في طبقاته نقلاً عن أبي بكر المروزي ومسدد وحرب إِنهم قد رووا الكثير من المسائل، ونسبوها للإِمام أحمد بن حنبل.. وبعد أن يفيض في ذكر هذه المسائل يقول:(رجلان صالحان بُليا بأصحاب سوء: جعفر الصادق، وأحمد بن حنبل، أما جعفر الصادق فقد نسبت إِليه أقوال كثيرة، دونت في فقه الشيعة الإِمامية على أنها له، وهو بريء منها. وأما الإِمام أحمد، فقد نسب إِليه بعض الحنابلة آراء في العقائد لم يقل بها) [التصوف الإِسلامي والإِمام الشعراني لطه عبد الباقي سرور ص82]....إلى أن قال:وأما الإِمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد دُسَّ عليه كتاب نهج البلاغة أو أكثره، فقد ذكر الذهبي رحمه الله تعالى في ترجمة علي بن الحسين الشريف المرتضى أنه: (هو المتهم بوضع كتاب نهج البلاغة، ومَنْ طالعه جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، ففيه السب الصراح والحط على السيدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وفيه من التناقض والأشياء الركيكة والعبارات التي من له معرفة بنَفَس القرشيين الصحابة، وبنَفَس غيرهم ممن بعدهم من المتأخرين جزم بأن الكتاب أكثره باطل) [ميزان الاعتدال للذهبي ج3 ص124].انتهى بحروفه
وممن دُسَّ عليهم الإِمام الشعراني رحمه الله تعالى، وأكثر ما دُسَّ عليه في الطبقات الكبرى، ولقد أوضح ذلك في كتابه لطائف المنن والأخلاق فقال: (ومما مَنَّ الله تبارك وتعالى به عليَّ، صبري على الحسدة والأعداء، لما دسوا في كتبي كلاماً يخالف ظاهر الشريعة، وصاروا يستفتون عليَّ زوراً وبهتاناً، ومكاتبتهم فيَّ لِبابِ السلطان، ونحو ذلك. إِعلم يا أخي أن أول ابتلاء وقع لي في مصر من نحو هذا النوع، أنني لما حججْتُ سنة سبع وأربعين وتسعمائة، زَوَّر عليَّ جماعة مسألة فيها خرق لإِجماع الأئمة الأربعة، وهو أنني أفتيتُ بعض الناس بتقديم الصلاة عن وقتها إِذا كان وراء العبد حاجة، قالوا: وشاع ذلك في الحج، وأرسل بعض الأعداء مكاتبات بذلك إِلى مصر من الجبل، فلما وصلتُ إلى مصر، حصل في مِصْرَ رَجٍّ عظيم، حتى وصل ذلك إِلى إِقليم الغربية والشرقية والصعيد وأكابر الدولة بمصر، فحصل لأصحابي غاية الضرر، فما رجعتُ إِلى مصر إِلا وأجد غالب الناس ينظر إِليَّ شذراً، فقلت: ما بال الناس ؟ فأخبروني بالمكاتبات التي جاءتهم من مكة، فلا يعلم عدد من اغتابني، ولاث بعرضي إِلا الله عز وجل.ثم إِني لما صنفت كتاب البحر المورود في المواثيق والعهود، وكتب عليه علماء المذاهب الأربعة بمصر، وتسارع الناس لكتابته، فكتبوا منه نحو أربعين نسخة، غار من ذلك الحسدةُ، فاحتالوا على بعض المغفلين من أصحابي، واستعاروا منه نسخته، وكتبوا لهم منها بعض كراريس، ودسوا فيها عقائد زائغة ومسائل خارقة لإِجماع المسلمين، وحكايات وسخريات عن جحا، وابن الراوندي، وسبكوا ذلك في غضون الكتاب في مواضع كثيرة، حتى كأنهم المؤلف، ثم أخذوا تلك الكراريس، وأرسلوها إِلى سوق الكتبِيِّين في يوم السوق، وهو مجمع طلبة العلم، فنظروا في تلك الكراريس، ورأوا اسمي عليها، فاشتراها من لا يخشى الله تعالى، ثم دار بها على علماء جامع الأزهر، ممن كان كتب على الكتاب ومن لم يكتب، فأوقع ذلك فتنة كبيرة، ومكث الناس يلوثون بي في المساجد والأسواق وبيوت الأمراء نحو سنة، وأنا لا أشعر. وانتصر لي الشيخ ناصر الدين اللقاني، وشيخ الإِسلام الحنبلي، والشيخ شهاب الدين بن الجلبي، كل ذلك وأنا لا أشعر، فأرسل لي شخص من المحبين بالجامع الأزهر، وأخبرَني الخبرَ فأرسلت نسختي التي عليها خطوط العلماء، فنظروا فيها، فلم يجدوا فيها شيئاً مما دسه هؤلاء الحسدة، فسبُّوا من فعل ذلك، وهو معروف.وأعرفُ بعض جماعة من المتهوِّرين، يعتقدون فيَّ السوء إِلى وقتي هذا، وهذا بناء على ما سمعوه أولاً من أُولئك الحسدة، ثم إِن بعض الحسدة، جمع تلك المسائل التي دُسَّت في تلك الكراريس وجعلها عنده، وصار كلما سمع أحداً يكرهني، يقول له: إِن عندي بعض مسائل تتعلق بفلان، فإِن احتجت إِلى شيء منها أطلعتك عليه، ثم صار يعطي بعض المسائل لحاسد بعد حاسد إِلى وقتي هذا، ويستفتون عليَّ وأنا لا أشعر، فلما شعرتُ، أرسلت لجميع علماء الأزهر أنني أنا المقصود بهذه الأسئلة، وهي مفتراة عليَّ، فامتنع العلماء من الكتابة عليها)[كتاب "لطائف المنن والأخلاق" للشعراني ج2. ص190ـ191].
وقد ذكر المؤرخ الكبير عبد الحي بن العماد الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه شذرات الذهب في أخبار من ذهب ترجمة الشيخ عبد الوهاب الشعراني رحمه الله تعالى وبعد أن أثنى عليه، وذكر مؤلفاته الكثيرة، وأثنى عليها أيضاً قال فيه: (وحسده طوائف فدسوا عليه كلمات يخالف ظاهرها الشرع، وعقائد زائغة، ومسائل تخالف الإِجماع، وأقاموا عليه القيامة، وشنَّعوا وسبُّوا، ورموه بكل عظيمة، فخذلهم الله، وأظهره الله عليهم وكان مواظباً على السنة، ومبالغاً في الورع، مُؤثِراً ذوي الفاقة على نفسه حتى بملبوسه، متحملاً للأذى، موزعاً أوقاته على العبادة ؛ ما بين تصنيفٍ وتسليكٍ وإِفادة.. وكان يُسمَعُ لزاويته دوي كدوي النحل ليلاً ونهاراً، وكان يحيي ليلة الجمعة بالصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولم يزل مقيماً على ذلك، معظَّماً في صدور الصدور، إِلى أن نقله الله تعالى إِلى دار كرامته) ["شذرات الذهب في أخبار من ذهب" للمؤرخ الفقيه الأديب عبد الحي الحنبلي المتوفى سنة 1089هـ. ج8. ص374].وقال الشعراني رحمه الله تعالى في كتابه اليواقيت والجواهر: (وقد دسَّ الزنادقة تحت وسادة الإِمام أحمد بن حنبل في مرض موته، عقائد زائغة، ولولا أن أصحابه يعلمون منه صحة الاعتقاد، لافتتنوا بما وجوده تحت وسادته) [اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر للشيخ عبد الوهاب الشعراني ج1. ص8].وكذلك ذكر الشيخ مجد الدين الفيروز أبادي صاحب القاموس في اللغة: أن بعض الملاحدة صنف كتاباً في تنقيص الإِمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وأضافه إِليه، ثم أوصله إِلى الشيخ جمال الدين بن الخياط اليمني، فشنَّع على الشيخ أشد التشنيع، فأرسل إِليه الشيخ مجد الدين يقول له: (إِني معتقد في الإِمام أبي حنيفة غاية الاعتقاد، وصنفت في مناقبه كتاباً حافلاً وبالغتُ في تعظيمه إِلى الغاية، فأحرِقْ هذا الكتاب الذي عندك، أو اغسله، فإِنه كذب وافتراء عليَّ) [لطائف المنن والأخلاق للشعراني ج1. ص127].
إلى أن قال سيدنا الشيخ عبدالقادر عيسى :وقال أيضاً ـ الإمام الشعراني ـ (وكذلك دسوا عليَّ أنا في كتابي المسمى بالبحر المورود جملةً من العقائد الزائغة، وأشاعوا تلك العقائد في مصر ومكة نحو ثلاث سنين، وأنا بريء منها كما بَيَّنْتُ في خطبة الكتاب لمَّا غيرتها، وكان العلماء كتبوا عليه وأجازوه، فما سكنت الفتنة حتى أرسلت إِليهم النسخة التي عليها خطوطهم) ["اليواقيت والجواهر" ج1. ص8].هذا وقد ملأ خصومُه الدنيا حوله حقداً وحسداً، وافتراء وكذباً وتضليلاً، لاسيما في كتبه المعروفة، وأشهرها الطبقات الكبرى.فلو قارن المُنْصِفُ بين كلام الشعراني رحمه الله تعالى الذي يعلن فيه تمسك الصوفية بالشريعة، وقد مر بك في بحث بين الحقيقة والشريعة [انظر بحث بين الحقيقة والشريعة ص381 من هذا الكتاب] وبين كلامه في الطبقات الكبرى لرأى تبايناً ظاهراً، ولظهر له كذب ما في الطبقات.
وكذلك دسوا على الشيخ محي الدين بن عربي رحمه الله تعالى، قال الشعراني: (كان رضي الله عنه متقيداً بالكتاب والسنة، ويقول: كل مَنْ رمى ميزان الشريعة من يده لحظة هلك.. إِلى أن قال: وهذا اعتقاد الجماعة إِلى قيام الساعة، وجميع ما لم يفهمه الناس من كلامه إِنما هو لِعُلِّو مراقيه، وجميع ما عارض من كلامه ظاهر الشريعة وما عليه الجمهور فهو مدسوس عليه، كما أخبرني بذلك سيدي أبو طاهر المغربي نزيل مكة المشرفة، ثم أخرج لي نسخة الفتوحات التي قابلها على نسخة الشيخ التي بخطه في مدينة قونيه، فلم أر فيها شيئاً مما كنت توقفت فيه وحذفته حين اختصرت الفتوحات.. ثم قال الشعراني رحمه الله تعالى: إِذا علمت ذلك، فيحتمل أن الحسدة دسوا على الشيخ في كتبه، كما دسوا في كتبي أنا، فإِنه أمر قد شاهدته عن أهل عصري في حقي، فالله يغفر لنا ولهم آمين) ["اليواقيت والجواهر" للشعراني ج1 ص9].ذكر الفقيه الحنفي صاحب الدر المختار أن: (من قال عن فصوص الحكم للشيخ محي الدين بن عربي، إِنه خارج عن الشريعة، وقدصنفه للإِضلال، ومَنْ طالعه ملحد، ماذا يلزمه ؟ أجاب: نعم،فيه كلمات تباين الشريعة، وتكلف بعض المتصلِّفين لإِرجاعها إِلى الشرع، لكن الذي تيقنْتُه أن بعض اليهود افتراها على الشيخ قدس الله سره،فيجب الاحتياط بترك مطالعة تلك الكلمات. قال العلامة ابن عابدين رحمه الله تعالى في حاشيته على الدر المختار عندقوله: [لكن الذي تيقنْتُه]: وذلك بدليلٍ ثبت عنده، أو لسببِ عدمِ اطلاعه على مراد الشيخ فيها، وأنه لا يمكن تأويلها، فتعيَّن عنده أنها مفتراة عليه، كما وقع للشيخ الشعراني أنه افترى عليه بعض الحساد في بعض كتبه أشياء مكفرة، وأشاعها عنه، حتى اجتمع بعلماء عصره، فأخرج لهم مسودة كتابه التي عليها خطوط العلماء فإِذا هي خالية عما افْتُرِيَ عليه. وقال ابن عابدين أيضاً عند قوله: [فيجب الاحتياط]: لأنه إِن ثبت افتراؤها فالأمر ظاهر، وإِلا فلا يفهم كلُّ أحد مرادَه فيها، فيُخشى على الناظر فيها من الإِنكار عليه، أو فهم خلاف المراد) [حاشية ابن عابدين ج3. ص303، وصاحب الدر المختار الشيخ محمد علاء الدين الحصكفي المتوفى سنة 1088هـ].
ومن المدسوس على الشيخ محي الدين رحمه الله تعالى أيضاً: القول بأن أهل النار يتلذذون بدخولهم النار، وأنهم لو أخرجوا منها، تعذبوا بذلك الخروج.قال الشعراني رحمه الله تعالى: (وإِن وُجد نحو ذلك في شيء من كتبه فهو مدسوس عليه، فإِني مررت على كتاب الفتوحات المكية جميعه فرأيته مشحوناً بالكلام على عذاب أهل النار) ["الكبريت الأحمر" ص276 طبعة 1277. كذا في مجلة العشيرة المحمدية عدد محرم 1381 ص21].
وقال أيضاً: (كذب مَنْ دسَّ في كتاب الفصوص والفتوحات، أن الشيخ محي الدين بن عربي قال بأن أهل النار يتلذذون بالنار، وأنهم لو أُخرجوا منها لاستغاثوا، وطلبوا الرجوع إِليها، كما رأيت ذلك في هذين الكتابين. وقد حذفت ذلك من الفتوحات حال اختصاري لها. حتى ورد عن الشيخ شمس الدين الشريف، بأنهم دسوا على الشيخ في كتبه كثيراً من العقائد الزائغة التي نقلت عن غير الشيخ، فإِن الشيخ مِنْ كُمَّل العارفين بإِجماع أهل الطريق، وكان جليس رسول الله صلى الله عليه وسلم على الدوام، فكيف يتكلم بما يهدم شيئاً من أركان شريعته، ويساوي بين دينه وبين جميع الأديان الباطلة، ويجعل أهل الدارين سواء ؟! هذا لا يعتقده في الشيخ إِلا من عزلَ عنه عقله. فإِياك يا أخي أن تصدق، من يضيف شيئاً من العقائد الزائغة إِلى الشيخ، واحمِ سمعك وبصرك وقلبك، وقد نصحتُك والسلام. وقد رأيت في عقائد الشيخ محي الدين الواسطي ما نصه: ونعتقد أن أهل الجنة والنار مخلدون في دارَيْهِما، لا يخرج أحد منهم من داره أبد الآبدين ودهر الداهرين.. قال: ومرادنا بأهل النار الذين هم أهلها من الكفار والمشركين والمنافقين والمعطِّلين، لا عصاة الموحدين فإِنهم يخرجون من النار بالنصوص) ["اليواقيت والجواهر" للشعراني ج2. ص205].
ويؤيد ما ذكرنا بأن هذا القول مدسوس على الشيخ محي الدين ما ذكره الشيخ نفسه في الباب الحادي والسبعين وثلثمائة من الفتوحات، عندما تغلق أبواب النار، كيف يصير أهلها كقطع اللحم حينما تغلي بهم النار ويصير أعلاهاأسفلها. وكذلك ما ذكره الإِمام الباجوري الشافعي في شرحه على جوهرة التوحيد: (وما يقال بتمرن أهل النار بالعذاب، حتى لو أُلْقُوا في الجنة لتألموا مدسوس على القوم [الصوفية] كيف وقد قال تعالى: {فذُوقُوا فَلَنْ نَزيدَكُم إلا عَذاباً} [النبأ: 30] [حاشية العلامة شيخ الإِسلام إِبراهيم الباجوري ص108].فكيف يعتقد مسلم هذه العقيدة الفاسدة التي تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة ؟ وقد نص على ذلك الشيخ محمد بن يوسف الكافي، بعد أن ذكر فريق الجنة، وأنهم مخلدون فيها ومنعمون، ذكر فريق أهل النار فقال: (وفريق السعير خالدون فيه أبداً، لا ينقطع عنهم ألم العذاب، وقال بعضهم: [ينقطع عنهم، وينقلب في حقهم استلذاذاً، بحيث لو عُرضت عليهم الجنة لأَبوْها، لما هم فيه من الاستلذاذ]. ومعتقد هذا كافر بلا شك ولا ريب، لتكذيبه الله تعالى في خبره: {إنَّ الذينَ كَفَروا وماتوا وهُم كُفَّارٌ أولئكَ عليهِم لعنَةُ اللهِ والملائكَةِ والناسِ أجمعينَ . خالدينَ فيها لا يخفَّفُ عنهُمُ العذابُ ولا هُمْ يُنْظَرُونَ} [البقرة: 161ـ162]. وفي خبره أيضاً: {إنَّ الذينَ كفرُوا بآياتِنا سوف نُصْليهم ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودهُم بَدَّلْناهُم جُلوداً غيرها ليذوقوا العذابَ} [النساء: 56]. وغير ذلك من الآيات الدالة على استمرار عذابهم) [المسائل الكافية للشيخ محمد بن يوسف الكافي التونسي ص19].ومما نسب إِلى الشيخ محي الدين رحمه الله تعالى أيضاً افتراءً عليه القولُ: بسقوط التكليف.يقول العلامة الشعراني رحمه الله تعالى: (وقد ذكر الشيخ محي الدين أنه لا يجوز لولي قط المبادرة إِلى فعل معصية اطلع من طريق كشفه على تقديرها عليه، كما لا يجوز لمن كُشف له أن يمرض في اليوم الفلاني من رمضان، أن يبادر للفطر في ذلك اليوم، بل يجب عليه الصبر حتى يتلبس بالمرض، لأن الله تعالى ما شرع الفطر إِلا مع التلَبُّس بالمرض أو غيره من الأعذار، قال: وهذا مذهبنا ومذهب المحققين من أهل الله عز وجل) [مجلة العشيرة المحمدية عدد محرم 1381 ص21].ومما دُسَّ على العارف الكبير الشيخ إِبراهيم الدسوقي رحمه الله تعالى قوله: (أذن لي ربي أن أتكلم وأقول أنا الله، فقال لي: قل: أنا الله ولا تبالِ) وفي هذا من الشناعة والاجتراء، ما يغني عن الإِطالة [مجلة العشيرة المحمدية عدد محرم 1381 ص23].ومما دُسَّ على رابعة العدوية رحمها الله تعالى، قولها عن الكعبة: [هذا الصنم المعبود في الأرض] [وقد عمد بعض المغرضين الدساسين إِلى تقصي جميع النصوص المدسوسة والمكذوبة على الصوفية ليتخذها ذريعة في حملته المغرضة، وتهجمه الشنيع على الصوفية بأسلوب مقذع وعبارات منحطة بعيدة عن أخلاق الإِسلام وصفات المؤمنين لا يدفعه إِلى ذلك إِلا حقد دفين وهوى نفسي ومآرب شخصية]. وهذا ابن تيمية نفسه يُكذِّب نسبة هذا القول إِليها ويبين أنه مدسوس ومكذوب عليها، فقد قال حين سئل عن ذلك: (وأما ما ذكر عن رابعة من قولها عن البيت: إِنه الصنم المعبود في الأرض، فهو كذب على رابعة المؤمنة التقية، ولو قال هذا من قال لكان كافراً يستتاب، فإِن تاب وإِلا قتل، وهو كذب. فإِن البيت لا يعبده المسلمون ؛ ولكنهم يعبدون رب البيت بالطواف به والصلاة إِليه) ["مجموعة الرسائل والمسائل" لابن تيمية ج1 ص80ـ81].ولو ذهبنا نستقصي ألوان التزييف في التاريخ الإِسلامي والتصوف لما وَسِعْتَنا هذه الرسالة، إِذ التصوف كان نصيبه من الدس والافتراء أعظم من غيره، لأن المزيفين أدركوا أن التصوف هو روح الإِسلام، وأن الصوفية هم قوته النافذة الضخمة وشعلته الوضاءة المشرقة، فأرادوا أن يطفئوا هذا النور. قال تعالى: {يُريدونَ لِيُطْفِئوا نورَ اللهِ بأفواهِهِم واللهُ مُتِمُّ نورِهِ ولو كَرِهَ الكافرونَ} [الصف: 8]. ..انتهى المراد نقلته من كتاب سيدنا الشيخ عبدالقادر عيسى رحمه الله تعالى