مدونة لتزكية القلوب ،ودحر الشبهات عن التصوف الحق،الذي هو تحقيق مقام الإحسان ثالث أصول الإسلام.

السبت، 16 أغسطس 2014

مراتب الدين الثلاثة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه امابعد: نعتقد يقينا أنه بعد بعثة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فإن الإسلام هو الدِّين الوحيد الذي يقبله الله من العباد ولا يقبل من الناس دينا سواه ولذا قال الله تعالى﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ اْلإِسْلاَمِ دِيْنًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخرة مِنَ اْلخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85] . وقال الله تعالى ﴿اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِيْ وَرَضِيْتُ لَكُمُ اَلإِسْلاْمَ دِيْناً﴾ [المائدة: 3] . و أركان الدِّين الاسلامي ثلاثة أركان كما في حديث سيدنا جبريل عليه السلام. أحدهما علم اعتقادي يعتقده العبد والآخران عمل يعمله العبد من أعمال القلوب والجوارح . وقد قامت مدراس أهل السنة والجماعة بهذه العلوم الثلاثة على أكمل وجه وكان لكل علم منها رجاله الذين تخصصوا في كتابته وتعليمه على مر السنين : الأول: ( الإيمان )، وهو يسمى العقيدة أو التوحيد أوالفقه الأكبر ونحوها . قال رسول الله عليه الصلاة والسلام الإيمان ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ) رواه مسلم ولأهل السنة والجماعة مدرستين تخصصت في تعليم عقيدة أهل الحق وهي المدرسة الأشعرية نسبة للإمام أبي الحسن الأشعري والعقيدة الماتردية نسبة للإمام أبي منصور الماتريدي الحنفي رحمه الله . قال الإمام السّبكي رضي الله تعالى عنه:" وهؤلاء الحنفيّة والشّافعيّة والمالكيّة وفضلاء الحنابلة _ ولله الحمد _ في العقائد يدٌ واحدة، كلّهم على رأي أهل السنّة والجماعة، يدينون الله تعالى بطريق شيخ السنّة أبي الحسن الأشعري رحمه الله، لا يحيد عنها إلا رعاع من الحنفيّة والشّافعيّة لحقوا بأهل الاعتزال، ورعاع من الحنابلة لحقوا بأهل التجسيم .. وبالجملة: عقيدة الأشعري: هي ما تضمّنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقّاها علماء المذاهب بالقبول ورضوها عقيدة ."اهـ[معيد النعم:62]. انتهى الثاني: ( الإسلام )، وهو المصطلح عليه باسم: الفقه. أو فقه الفروع ولأهل السنة فيه مدارس فقهية أربعة تسمى مذاهب أهل السنة الفقهية وهي مذهب الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة. وفيه يتعلم المسلم أحكامة الطهارة والصلاة والصيام والحج والزكاة وغيرها من الأعمال الظاهرة التي تتعلق بالجوارح .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ) رواه مسلم الثالث: ( السعي للتحقق بمرتبة الإحسان )، وهو المصطلح عليه باسم: التصوف ولأهل السنة فيه طرق مشهورة منها الطريقة الشاذلية والقادرية والرفاعية والنقشبندية .قال رسول الله عليه الصلاة والسلام الإحسان ( أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) . فالعقيدة هي الأساس الذي لا يمكن أن يتحقق غيره بدونه . وقد قام على أصول ستة وهي :الإيمان بالله ،وملائكته ،وكتبه ،ورسله ،واليوم الأخر ،والقدر خيره وشره.فالمؤمن يؤمن بكل ذلك والكافر لا يؤمن بكل ذلك أولا يؤمن ببعضه. قال الله تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة: 285]. وقال تعالى: ﴿وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا﴾ [النساء: 136]. وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أصل الإيمان فقال: {أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشرّه} [رواه مسلم]. إذن أصول العقيدة ستة تبحث عند أهل السنة في ثلاثة مباحث .مبحثان يمكن إثباتهما بالدليل الشرعي والعقلي .وهما : المبحث الأول :الإلهيات :وهو الكلام عن الله تعالى وصفاته وأفعاله جل جل جلاله ومنها الكلام عن مسألة القدر خيره وشره والكلام عن كتب الله تعالى .فندرج فيه ثلاثة أركان من أركان الإيمان الستة . المبحث الثاني: مبحث النبوات :وهو الكلام عن الأنبياء عليهم السلام وما يجب أن نثبته لهم وما يستحيل نسبته لهم وما يجوز عليهم .فهو كلام عن أصل واحد من أركان الإيمان الستة . المبحث الثالث :السمعيات:وهي التي تثبت فقط بالدليل الشرعي وهو الكلام عن الملائكة عليهم السلام واليوم الآخر وما فيه من مسائل غيبية والقبر وعذابه ونحو ذلك كما سيأتي بيانه.فهو كلام عن أصلين من أصول الإيمان الستة .