مدونة لتزكية القلوب ،ودحر الشبهات عن التصوف الحق،الذي هو تحقيق مقام الإحسان ثالث أصول الإسلام.

السبت، 31 أغسطس 2013

ترجمة سيدي الشيخ محمد الهاشمي رحمه الله تعالى

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين: ترجمة سيدي الشيخ محمد الهاشمي التلمساني رحمه الله تعالى ولادته رحمه الله تعالى: ولد سماحة الأستاذ المرشد الكبير سيدي محمد بن الهاشمي قدس الله روحه من أبوين صالحين، كلاهما من آل بيت النبوة، يرجع نسبهما إِلى الحسن بن علي رضي الله عنهما، يوم السبت 22 شوال 1298هـ في مدينة سبدة التابعة لمدينة تلمسان، وهي من أشهر المدن الجزائرية. وكان والده من علمائها وقاضياً فيها، فلما توفي ترك أولاداً صغاراً، والشيخ أكبرهم سناً. بقي الشيخ مدة من الزمن ملازماً للعلماء، قد انتظم في سلكهم جاداً في الازدياد من العلم، ثم هاجر مع شيخه محمد بن يَلِّس إِلى بلاد الشام فاراً من ظلم الاستعمار الإِفرنسي، الذي منع الشعب الجزائري من حضور حلقات العلماء وتوجيههم. وكانت هجرتهما في 20 رمضان سنة 1329هـ عن طريق طنجة ومرسيليا، متوجهين إِلى بلاد الشام. فمكثا في دمشق أياماً قلائل، وعمِلَتْ الحكومة التركية آنذاك على تفريق جميع المغاربة الجزائريين، وكان نصيبه رحمه الله تعالى أن ذهب إِلى تركيا وأقام في أضنة، وبقي شيخه ابن يَلِّس في دمشق. وعاد بعد سنتين إِلى دمشق ؛ فالتقى بشيخه ابن يَلِّس وَصَحبه ولازَمه. وفي بلاد الشام تابع أخذ العلم عن أكابر علمائها. ومن أشهرهم المحدِّث الكبير بدر الدين الحَسَني، والشيخ أمين سويد، والشيخ جعفر الكتاني، والشيخ نجيب كيوان، والشيخ توفيق الأيوبي، والشيخ محمود العطار وأخذ عنه علم أُصول الفقه، والشيخ محمد بن يوسف المعروف بالكافي وأخذ عنه الفقه المالكي، وقد أجازه أشياخه بالعلوم العقلية والنقلية. أما من ناحية التصوف فقد أذن له شيخه محمدبن يَلِّس بالورد العام لما رأى من تفوقه على تلامذته، من حيث العلمُ والمعرفةُ والنصحُ لهم وخدمتُهم. ولما قدم المرشد الكبير أحمد بن مصطفى العلوي من الجزائر لأداء فريضة الحج ؛ نزل في دمشق بعد وفاة سيدي محمد بن يَلِّس سنة 1350هـ، وأذن له بالورد الخاص [تلقين الاسم الأعظم] والإِرشاد العام. أخلاقه وسيرته: كان رحمه الله تعالى متخلقاً بأخلاق النبي (صلى الله عليه وسلم)، متابعاً له في جميع أقواله وأحواله وأخلاقه وأفعاله، فقد نال الوراثة الكاملة عن الرسول (صلى الله عليه وسلم). وكان متواضعاً حتى اشتهر بذلك ولم يسبقه أحد من رجال عصره في تواضعه. وكان يعامل الناس كما يحب أن يعاملوه. دخل عليه رجل فقبَّل يد الشيخ رحمه الله تعالى؛ وأراد الشيخ أن يقبل يده، فامتنع الرجل عن ذلك وقال: أستغفرُ الله يا سيدي أنا لست أهلاً لذلك، أنا أَقبل رجلكم. فقال الشيخ رحمه الله تعالى: إِذا قَبَّلت رِجْلَنَا فنحن نقبل رجلَكم. وكان يحب أن يخدم إِخوانه بنفسه، فيأتي الزائر، ويأتي التلميذ فيبيت عنده فيقدِّم له الطعام، ويحمل له الفراش مع ضعف جسمه. وكم جئناه في منتصف الليل، وطرقنا بابه، فيفتح الباب وهو بثيابه التي يقابل بها الناس، كأنه جندي مستعد. فما رأيناه في ثوب نوم أبداً. وكان حليماً لا يغضب إِلا لله. حَدَث أن جاءه رجل من دمشق إِلى بيته وأخذ يتهجم عليه، ويتهكم به، ويتكلم بكلمات يقشعر لها جلد المسلم ؛ ولكن الشيخ رضي الله عنه لم يزد على قوله له: الله يجزيك الخير، إِنك تُبين عيوبنا، وسوف نترك ذلك ونتحلى بالأخلاق الفاضلة. وما أن طال المقام بالرجل إِلا وأقبل على الشيخ، يقبل قدميه ويديه، ويطلب منه المعذرة. وكان كريماً لا يرد سائلاً. وكم رأينا أشخاصاً يأتون إِليه فيعطيهم ويكرمهم، ولاسيما في مواسم الخير ؛ حيث يأتي الناس لبيته، وترى موائد الطعام يأتيها الناس أفواجاً أفواجاً يأكلون منها، ولا تزال ابتسامته في وجهه، وقد بلغ من كرمه أنه بنى داره التي في حي المهاجرين بدمشق قسمين: قسم لأهله، وقسم لتلاميذه ومريديه. وكان من صفاته رضي الله عنه واسع الصدر وتحمل المشقة والتوجيه، وشدة الصبر مع بشاشة الوجه ؛ حتى إِني استغربت مرة صبره فقال لي: يا سيدي! مشربُنَا هذا جمالي. وكان يأتي إِليه الرجل العاصي فلا يرى إِلا البشاشة من وجهه وسعة الصدر، وكم تاب على يديه عصاة منحرفون، فانقلبوا بفضل صحبته مؤمنين عارفين بالله تعالى. حَدَث أنه كان سائراً في الطريق بعد انتهاء الدرس، فمر به سكران ؛ فما كان من الشيخ رحمه الله تعالى إِلا أن أزال الغبار عن وجهه، ودعا له ونصحه، وفي اليوم الثاني كان ذلك السكران أول رجل يحضر درس الشيخ، وتاب بعد ذلك وحسنتْ توبته. وكان رحمه الله تعالى يهتم بأحوال المسلمين ويتألم لما يصيبهم، وكان يحضر جمعية العلماء التي تقام في الجامع الأموي، يبحث في أمور المسلمين ويحذِّر من تفرقتهم، وقد طبع رسالة تبين سبب التفرقة وضررها، وفائدة الاجتماع على الله والاعتصام بحبل الله سماها: القول الفصل القويم في بيان المراد من وصية الحكيم. وكان رحمه الله تعالى يكره الاستعمار بكل أساليبه، ويبحث في توجيهه عن مدى صلة الحوادث مع الاستعمار وكيفية الخلاص من ذلك. ولما نَدبتْ الحكومة الشعب إِلى التدرُّب على الرماية، ونظَّمت المقاومة الشعبية، سارع الشيخ لتسجيل اسمه بالمقاومة الشعبية، فكان يتدرب على أنواع الأسلحة مع ضعف جسمه ونحوله وكبر سنه. وبهذا ضرب للشعب المثل الأعلى لقوة الإِيمان والعقيدة والجهاد في سبيل الله، وذكَّرنا بِمَنْ قبله من المرشدين الكُمَّل الذين جاهدوا الاستعمار وحاربوه ؛ أمثال عمر المختار والسنوسي وعبد القادر الجزائري. وما المجاهدون الذين قاموا في المغرب، لإِخراج الاستعمار وأذنابهم إِلا الصوفية. وكان رحمه الله تعالى حسن السيرة والمعاملة، مما جعل الناس، يُقبلون عليه ويأخذون عنه التصوف الحقيقي، حتى قيل: لم يشتهر الهاشمي بعلمه مع كونه عالماً، ولم يشتهر بكراماته مع أن له كرامات كثيرة، ولكنه اشتهر بأخلاقه، وتواضعه، ومعرفته بالله تعالى. وكان رحمه الله تعالى إِذا حضرْتَ مجلسه، شعرت كأنك في روضة من رياض الجنة ؛ لأن مجلسه ليس فيه ما يشوبه من المكدرات والمنكرات. فكان رحمه الله تعالى يتحاشى أن يُذكر في حضرته رجل من المسلمين وينقص. ولا يحب أن يذكر في مجلسه الفساق وغيرهم، ويقول: عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة. وبقي رحمه الله تعالى دائباً في جهاده مستقيماً في توجيهه للمسلمين وإِخراجهم مما وقعوا فيه من الضلال والزيغ. فقد كانت حلقاته العلمية متوالية من الصباح حتى المساء ؛ ولاسيما علم التوحيد الذي هو من أُصول الدين، فيبيِّنَ العقائد الفاسدة والإِلحادية، مع بيان عقيدة أهل السنة والجماعة، والرجوع إِلى الله تعالى؛ والتعلق به دون سواه

سيدي الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي رحمه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه: هو الشيخ المربى الحجة المعتمد على الله , الناسك القدوة أبو العباس سيدي أحمد بن مصطفي بن محمد أحمد المعروف بالقاضى بن محمد , ولد بمدينة مستغانم بإقليم الجزائر , وأبوه هو الوالي الصالح الملقب بمدبوغ الجبهة بن الحاج على المعروف عند العامة بعليوة , ولهذا كانت تسميته ابن عليوة وجده غانم القادم من الجزائر العاصمة إلى حاضرة مستغانم بقصد السكنى بها ولا زال ما بقى من نسلهم معروفاً إلى الأن , وبيتهم بيت علم وصلاحٍ مشهور بالتقوى والرشاد. نشأ رضي الله عنه في طاعة الله وعبادته , وكان شغوفاً بالبحث عن أهل الطرق , ولقد انتسب بدايًة للطريقة العيساوية , اجتهد فيها أياماً عديدة مما زاده رغبةً واجتهاداً في طلبه , إلى أن حصل مقصده بلقائه بالشيخ الكامل الجامع الواصل سيدي الشيخ محمد بن الحبيب البوزيدى رضي الله عنه فأخذ عنه الطريقة الدرقاوية وهو أخذها عن سيدي محمد بن قدور الوكيلى , المقيم بجبل كركر قرب عين زوره بالمغرب , وهو أخذها عن سيدي أبى عزة المهاجى عن كبير هذه الطائفة المشهور سيدنا ومولانا محمد العربي الدرقاوى رضي الله عنه , أخذ سيدي العلاوى الطريقة الدرقاوية عن شيخه البوزيدى رضي الله تعالى عنهم أجمعين ولازمة وتبعه وتفانى في تحقيق اشارته , إلى أن أطلعة على ما عنده واجتباه من سائر أصحابه , وصدره في حياته , وأشاع ذكره بين أحبابه , فظهر منه ما ظهر , من غوصه فى بحر الحقائق واخراجه الأسرار الغربية , وكشفه عن الدقائق , وفاق في طلب العلم , فحصل على الفائدة من الكتاب والسنة , وألف المؤلفات الكثيرة , وسلك فيها مسلكاً عجيباً فريداً , كان جميل العبارة , وأحتوى على بديع الإشارة , وخلف شيخه داعياً إلى الطريق لا يكل , ومنادياً إلى الحقيقة لا يمل , فشاع ذكره فى المشارق والمغارب , وعمت دعوته كل الجوانب , اذ كانت دعامات طريقة الكتاب والسنة كما هو ديدن السادة الشاذلية , وتطبيق أحكامها على الظاهر والباطن , فجاءت مطابقة ً لروح العصر , مما حقق لها النصر , وكثر أتباعها فى كل مكان . قرض الشعر رضي الله عنه , على غير استعدادٍ لصناعته , فنظم أرجازاً بديعة المعنى , جميلة المبنى , دلت على قوة معرفته , وصدق دعوته . ظل رضي الله عنه , رافعاً راية الجهاد , لرفع راية التوحيد , فى ظل أقسى الظروف المادية آنذاك , ألا وهو الحُكم الفرنسي في الجزائر , إلى أن ثبت للإسلام دعائم قويةً راسخهً , ورسم لأتباعه طريقاً نيرة ً واضحة , لا زالت تعج بالسائرين إلى الله ،زادهم الله من فضله وثبتهم على الحق إلى يوم لقاه. لقي رضي الله عنه ربه جل جلاله فى يوم الثاني من شهر ربيع الثاني سنة 1353 هجرية , فجزاه الله عن الأمة الاسلامية خير الجزاء .

ترجمة الامام الشاذلي رحمه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه: الامام الشاذلي :هو السيد الأجل الكبير ، العارف الوارث المحقق ،الحامل في زمانه لواء العارفين ، منشيء معالم الطريقة ، ومظهر أسرارها ، ومبدي علوم الحقيقة بعد خفاء أنوارها ، ومظهر عوارف المعارف بعد خفائها واستتارها ، الدال على الله وعلى سبيل جنته ، والداعي على علم وبصيرة إلى جنابه وحضرته ، أوحد أهل زمانه علماً وحالاً ، ومعرفة ومقالاً ، الشريف الحسيب النسيب ، ، إمام السالكين ، الذي تغنيك سمعته عن مدح أو قول منتحل ، الأستاذ المربي الكامل أبو الحسن الشاذلي . قال الامام الحافظ السيوطي (911هـ.)رحمه الله في حسن المحاضرة عند ذكر من كان بمصر من الصلحاء والزهاد والصوفية ما نصه: الشيخ أبو الحسن الشاذلي شيخ الطائفة الشاذلية هو الشريف تقي الدين علي بن عبد الله عبد الجبار، قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيدما رأيت أعرف بالله من الشاذلي.اهـ. أما نسبه ، فهو الأستاذ الشريف السيد الحسيب النسيب إلى الحبيب ، سيدي أبو الحسن الشاذلي الحسني بن عبد الله ، بن عبد الجبار ، ابن تميم ، بن هرمز ، بن حاتم ، بن قصي ، بن يوسف ، بن يوشع ، بن ورد ابن أبي بطال ، علي بن أحمد ، بن محمد ، بن عيسى ، بن إدريس ، بن عمر ، ابن إدريس ، المبايع له ببلاد المغرب ، ابن عبد الله بن الحسن المثنى ، ابن سيد شباب أهل الجنة وسبط خير البرية ، أبي علي محمد الحسن ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، وهذا هو النسب الصحيح لسيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه صاحب الطريق ، ومظهر لواء التحقيق . وأما حليته رضي الله عنه ، فقال الشيخ الولي محمد بن القاسم الحميري ، عرف بابن الصباغ ، صاحب درة الأسرار : سمعت الشيخ أبا العزائم ماضي يقول : كانت صفته آدم اللون ، نحيف الجسم ، طويل القامة ، خفيف العارضين ، طويل أصابع اليدين ، كأنه حجازي : وكان فصيح اللسان عذب الكلام . وأما موضع مولده رضي الله عنه ، فإنه ولد بقرية غمارة من أفريقية قريبة من سبتة ، وهي من المغرب الأقصى . ولد في نحو ثلاث وتسعين وخمسمائة من الهجرة . وأما سلسلته ، فإنه رضي الله عنه وارث من الشيخين الإمامين الملكين أبي عبد الله محمد بن الشيخ أبي الحسن علي المعروف بابن حرازم ومن أبي عبد الله عبد السلام بن مشيش . أما أبو عبد الله السيد عبد السلام بن بشيش أو مشيش وكلاهما صحيح وهو أجل مشايخ الشيخ أبي الحسن الشاذلي وعلى يديه كان فتحه وإليه كان ينتسب إذا سئل عن شيخه ، وهو سيدي عبد السلام بن بشيش ، واشتهر في الغرب بمشيش ، فقد قال الشيخ محيي الدين عبد القادر بن الحسني بن علي الشاذلي في كتابه [ الكواكب الزاهرة في اجتماع الأولياء بسيد الدنيا والآخرة ] ابن بشيش بالباء الموحدة ابن منصور بن إبراهيم الحسني ثم الإدريسي ، من ولد إدريس بن عبد الله بن حسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ، ومقامه بالمغرب كالشافعي بمصر ، وهو أخذ عن القطب الشريف السيد عبد الرحمن الحسني المدني العطار الزيات ، ثم ذكر سنده إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. المصدر: من كتاب المفاخر العلية في المآثر الشاذلية للشيخ أحمد بن عياد الشافعي - ص 6 - 14