مدونة لتزكية القلوب ،ودحر الشبهات عن التصوف الحق،الذي هو تحقيق مقام الإحسان ثالث أصول الإسلام.

الأحد، 7 ديسمبر 2014

من جواهر التوحيد الكلام عن صفة الوجود

الدرس الثالث عشر: من الكماﻻت التي يجب إثباتها لله عزوجل إثبات عشرين صفة: وقد قسمها العلماء إلى اربعة أقسام وهي: القسم اﻷول:الصفة النفسية وهي صفة واحدة وهي الوجود. القسم الثاني:الصفات السلبية:وأصولها خمس صفات ثابتة لله تعالى وفي اثباتها سلب لضدها من الصفات الباطلة . القسم الثالث:صفات المعاني: وهي سبع صفات . القسم الرابع: الصفات المعنوية. ------------------- أوﻻ الصفة النفسية :وهي الوجود: فالله تعالى ﻻيجوز عليه العدم أزﻻ وأبدا بل هو واجب الوجود. ووجوده غير معلل بعلة أي أنه لم يؤثر في وجوده شيء سبحانه وتعالى .فوجوده تعالى ذاتي بخﻻف وجود المخلوقات ﻷن وجودها بفعل فاعل فعلهاوهو ربنا عز وجل فأوجدها بعد العدم. وصفة الوجود هي تدل على نفس ذات موﻻنا عز وجل ولذلك سميت صفة نفسية أي تدل على نفس الذات . ووصف الوجود ليس كصفات المعاني قائمة بالذات بل هو حكم لها. ومعناه: أن الله موجود . والدليل على وجود الله تعالى أدلة نقلية وعقلية فمن اﻷدلة النقلية : في سورة اﻷنعام قال الله تعالى "ذلكم الله ربكم ﻻ إله هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل " وقال تعالى في سورة البقرة "إن في خلق السموات واﻷرض واختﻻف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به اﻷرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الريح والسحاب المسخر بين السماء واﻷرض ﻵيات لقوم يعقلون" ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ في سورة الجاثية "إن في السموات واﻷرض ﻵيات للمؤمنين *وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون* واختﻻف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به اﻷرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون" 44 واما البراهين العقلية : فمن تأمل في النصوص القرآنية عرف أن الله أمر بالتفكر في المخلوقات لينتج عن هذا التفكر ثمرات عظيمة وأساسها في ثمرتين: الثمرة اﻷولى :أصل اﻹيمان بوجود الله تعالى وبصفاته العظيمة كالقدرة واﻹرادة والعلم . والثمرة الثانية:كمال اﻹيمان :وهو زيادة اليقين وذلك بزيادة الدﻻئل . فأما أصل اﻹيمان وهو مبحث العقيدة في هذه الدروس : فبيان ذلك أن من نظر في هذه المخلوقات ومنها اﻹنسان وجد أنها حدثت بعد عدم وأنها تتغير من حال إلى حال .والتغير هو انعدام وصف وحدوث وصف بعد عدم وهذا العدم والوجود يحصل للذوات والصفات . فمالذي رجح كفة الوجود على كفة العدم ؟! فنحن رأينا بأعيينا أشياء كانت عدما منها اطفالنا واعمالنا ثم أوجدت بعد ذاك العدم فمن الذي رجح كفة الوجود على العدم ؟ﻻ شك أن هناك سبب لذلك ﻷنه من المستحيل رجحان كفة على كفة بدون مرجح . ويستحيل أن يكون هذا المرجح للكفة شيء حادث أيضا وإﻻ لزم افتقاره إلى مرجح آخر فيتسلسل هذا اﻻحتمال لغير بداية . ويستحيل الدور وهو أن يكون وجود الشيء متوقف على وجود نفسه ﻷنه يلزم أن ﻻ يحصل أي وجود لشيء . فإذن ﻻبد من شيء وجوده غير متوقف على شيء آخر وأن يكون قديما غير حادث وهذا الشيء هو الفاعل لكل حادث .ونحن نؤمن بهذا الشيء وهو الله جل جﻻله كما تواتر عن الرسل الكرام المؤيدون بالمعجزات الباهرة عليهم الصﻻة والسﻻم . فتغير الشمس والقمر والسموات واﻹنسان هو أعظم برهان على عدم كونها أربابا ﻷن التغير يدل قطعا على الحدوث. فالتغير هو حدوث شيء أو فناءه. مثاله :اﻹنسان كان عدما ثم حدث بعد العدم فكان نطفة ثم تغير من نطفة إلى مضغة ثم تدرج في التغير حتى صار قويا ثم ضعيفا فﻻ شك بأن هذا التغير بجميع مراحله حادث بعد عدم . والشمس تتغير وسبب حكمنا بالتغير هو حركتها التي يدل عليه أفولها وحرها وبردها والذي خصصها بحجم ولون وغيرها من اﻷعراض وكل متغير حادث وكل حادث ﻻبد له من فاعل أوجدها ويتصف بقدرة واردة وعلم وحياة . 45 إذن نسنتج نتيجتين أساسيتن : النتيجة اﻷولى :أن الله تعالى أنعم على اﻹنسان بنعمة العقل وحثه على التفكر في ما بستطيع التفكر فيه وهي اﻷمور التي يراها بعينه ويسمعها بإذنه أو يذوقها بلسانه أو يلمسها أي ما يتصل بالحواس الخمس .فنظر في الطبيعة سماءها وارضها وشمسها وقمرها ونجومها وفي اﻹنسان من حين نشأته الى مماته .وفي اختﻻف المطعومات في طعمها والملموسات في نعومتها وغلظها والمشمومات بأنواعها والمسموعات بأجناسها .فمن تفكر وجد أن جميعها حادثة مخلوقة بدليل أنها تتغير من عدم الى وجود ومن وجود إلى عدم . ومن صفة الى صفة . وأنها محتاجة مفتقرة إلى غيرها .وأن هذه الحادثات لها أشكال بديعة في اﻹتقان ولها أوزان ونسب مخصصة وأنها مسخرة تجري على نسق منتظم . فأخذ من ذلك القواعد التالية : القاعدة اﻷولى :أن التغير يدل قطعا على الحدوث فكل متغير حادث. القاعدة الثانية:أن التغير يدل على النقص واﻻفتقار ﻷنه إما تغير من نقص إلى كمال فإذن كان ناقصا واما من كمال إلى نقص فهو على كﻻ اﻻحتمالين يكون حادثا . القاعدة الثالثة:أن كل من اتصف بصفة حادثة فذاته حادثة قطعا . القاعدة الرابعة:أن الحدوث والتغير يدل على اﻻفتقار إلى الغير في اﻹيجاد واﻹمداد . القاعدة الخامسة :أن الفاعل للحادثات ﻻبد أن يكون مخالفا لها في جميع ذواتها وصفاتها .فلو اتصف بصفة من صفات المخلوقات فهو أيضا حادث مخلوق . القاعدة السادسة :أن هذا الشيء الفاعل الذي ليس بحادث ﻻبد أن يكون واحدا فقط ﻻ شريك له وﻻ معاون ﻷنه الشراكة والمعاونة تدل على اﻻحتياج للغير وهذا وصف الحوادث . القاعدة السابعة :أن هذا القديم ﻻبد أن يكون متصفا بصفة القدرة واﻹرادة والعلم والحياة . القاعدة السابعة :أنه دائم باق بذاته وصفاته ﻻينعدم وﻻ يفنى .فكل ما ثبت قدمه فيستحيل عدمه . النتيجة الثانية :أنها تواترت اﻷخبار القطعية أن هذا الشيء الواجب الوجود الذي يفتقر إليه كل حادث هو الله عز وجل المتصف بصفات الكمال المنزه عن صفات النقص فآمنا به يقينا ﻻ شك فيه فنسأل الله الثبات على الحق في جميع العوالم . آمين . 46